140

في ذكر علة قلة أذية المعتاد. قال جالينوس: إن الأطعمة والأشربة قد تكسب المعدة خاصة طبيعية مستفادة ثم سائر الأعضاء. وذلك أنه وإن كان البدن هو القاهر لذلك والمغير له غير أن الأطعمة والأشربة قد تحيل البدن وتغيره بعض التغير إلى طبيعتها حتى يحدث منها في البدن على طول الزمان تغير يسير، ويصير بين * المغذى (2356) المغتدي به مشابهة. ولا شك أن كل شيء * يشابهه شيء (2357) فهو يحيله إلى طبيعيته أسرع. وكذلك كلما * صار (2358) الشيء المستحيل أشبه بالشيء الذي يحيله كانت إحالته أسرع. فلأجل هذا * صار (2359) المعتاد أقل ضررا من غير المعتاد وإن كان الثاني أقل ضررا من الأول. قال ابن PageVW1P071A أبي صادق: * وأما (2360) الهواء فإن كان البدن قد تعود الحار منه فإنه يسخف البدن ويخلخله فإذا أورد عليه هواء بارد كثفه وضيق مسامه، وإن كان قد تعود * الهواء (2361) البارد فإنه يكثف المسام ويلززها. فإذا ورد عليه الهواء الحار فإنه يخلخله ويسخفه، وكذلك الكلام في الرطب واليابس. ولا شك أن ذلك مضر * بالبدن (2362) .

البحث الرابع:

قوله فينبغي أن ينتقل الإنسان إلى ما لم يعتده قلهلا قليلا قليلا. هذا الكلام فهم على وجهين. أحدهما ما ذهب إليه الفاضل جالينوس وهو أن الأجواد للإنسان أن يحمل نفسه على استعمال كل شيء لئلا PageVW5P126A يصادف عند الضرورة شيئا لم يعتده فيناله منه ضرر عظيم. قال فهذا معنى قوله هذا. * ومثاله (2363) أن الإنسان قد يضطر إلى الانتقال من بلد إلى * غير بلده (2364) فينبغي قبل الانتقال أن يتدرج إلى * استعمال (2365) أغذية البلد المنتقل * إليها (2366) حتى يألفها فلا ينفعل * عنها (2367) إذا انتقل إلى ذلك البلد. وثانيهما ما فهمه ابن أبي صادق وهو أنه عنى بالانتقال من العادة الرديئة إلى ما لم يعتده من الأصلح لكن قليلا قليلا لا دفعة لأنه متى كان قليلا قليلا كان زمان فعله في البدن غير محسوس وأثره غير محسوس ثم في المرة الثانية كذلك إلى أن يحصل بين طبيعته المنقل والمنتقل إليه مشابهة ومشاكلة. أما إذا كان الانتقال دفعة فإنه لم يكن كذلك بل يضر بالبدن ضررا محسوسا مضرا بالأفعال.

البحث الخامس:

لقائل أن يقول أي التدبيرين أجود الاستمرار على حالة واحدة أو النقلة إلى أحوال شتى من التدبير؟ أما جالينوس فقد اختار الثاني على ما عرفت. وأما * أنا (2368) فأقول: * إن (2369) الأولى والأفضل النوع الأول فإن استعمال ما يناسب المزاج الأصلي * إن (2370) كان معتدلا أو قريبا منه أولى مما لا يناسبه وينقله عن طبيعته. وأما التخليط في التدبير واستعمال الأضداد طلبا للعوئد فبعيد، وربما اكتسب البدن منه أحوالا رديئة. أما البعيد * فإن (2371) من المحال أن يستفيد البدن عادة هي الخواء مع مقابله أو عادة هي الحركة مع عادة هي السكون ويكون * له (2372) * صبر (2373) على كل واحد منهما. وأما إفادتها للبدن أحوالا رديئة فإنه أصعب ما يكون على البدن الانتقال من حال إلى ضدها مثل أن ينتقل الإنسان من الجوع مفرط إلى شبع مفرط ومن حركة مفرطة إلى سكون مفرط، وكذلك في جميع ما يعتاده الإنسان. وأحسب أن ما ذكره جالينوس من الاعتياد للأشياء المضادة لا بالنظر إلى ما يكون عليه واجب التدبير في * حفظ (2374) الصحة لكن بالنظر إلى ما يتوقع حدوثه من الأسباب العارضة بالانتقال، والله أعلم.

51

[aphorism]

قال أبقراط: استعمال الكثير بغتة مما يملأ البدن أو يستفرغه أو يسخنه أو يبرده أو يحركه بنوع آخر من الحركة أي نوع كان فهو خطر * وكذلك (2375) كل ما كان كثيرا فمقاوم للطبيعة. فأما ما يكون قليلا قليلا فمأمون متى أردت انتقالا من شيء إلى غيره ومتى أردت غير ذلك.

[commentary]

الشرح ها هنا مباحث أربعة.

Bog aan la aqoon