148

قال أبقراط: من كوى أو بط من المتقيحين (138) أو المستسقين فجرى منه من الماء أو من المدة شيء كثير دفعة، فإنه يهلك لا محالة.

[commentary]

قال عبد اللطيف: المتقيح في عرف أبقراط هو الذي تولدت فيه المدة (139) في (140) الفضاء الذي بين صدره ورئته، وإذا كانت هذه المدة كثيرة جدا لا يمكن نفثها ويؤنس من استنقائها (141) بالنفث فعلاجها الكي أو النفث (142)، ويعرض في هذه الحال عسر من النفس عظيم شديد، PageVW0P094A فإذا خرجت (143) المدة دفعة تبعها روح كثير كان محصورا في فوهات العروق فكان عنه الهلاك. وقد يعرض ذلك في كل تقيح وخراج عظيم يجتمع فيه قيح كثير فإنه إذا خرج دفعة تبعه غشي وضعف مفرط، فإن خرج (144) قليلا قليلا كان مأمونا. وكذلك (145) إذا بزل (146) ماء المستسقى (147) دفعة كان هلاكه سريعا لهذا السبب، وأيضا لأن (148) الكبد فيها ورم جاس (149) فما دام الماء في البطن فهو يحمل ثقل الورم، فإذا استفرغ عدمت الكبد ما ترتفق عليه من تلك الرطوبة فثقلت بورمها وأزحجت وجذبت معها الحجاب وما في الصدر PageVW1P081A من الأحشاء إلى أسفل.

[فصل رقم 291]

[aphorism]

قال أبقراط: الخصيان لا يعرض لهم (150) النقرس ولا الصلع.

[commentary]

قال عبد اللطيف: الخصيان ينتقل مزاجهم إلى مزاج النساء، PageVW2P112B فكما لا يعرض لهن الصلع كذلك لا يعرض للخصيان لرطوبة مزاجهم، لأن الصلع إنما هو PageVW3P106A من غلبة اليبس على جوهر الدماغ. وأما النقرس فقد كان على عهد أبقراط لا يعرض لهم، لأن السيرة كانت عامة في إصلاح الغذاء وتقديره ومداومة الرياضة المعتدلة، وأما في زمن جالينوس فركنوا إلى الخفض والدعة وكثرة (151) الشره والنهم ومرجوا (152) في الشهوات. وأما في زماننا فزادوا على ذلك أضعافا مضاعفة حتى صاروا يتفاخرون بكثرة ما يأكلون (153) ويشربون كما يتفاخر بالفضائل والعلوم ومن قصر في ذلك كان عارا عليه، وتعدت (154) هذه السيرة القبيحة إلى النساك والمتقمصين (155) بالزهد والتصوف، ولهم في ذلك حكايات وأمثال وأقوال مقبولة عندهم كأنها نبوية (156) إذا قيلت (157) للإنسان ألزمته (158) بأكل كل ما يجد ، مثل قولهم: الصوفي يأكل على الفراغ. الاستكثار من أكل نعمة الله شكر لله (159). وأما أخبار الطفيليين (160) فكتب قائمة (161) برأسها، وبعضهم يرى أن كثرة الأكل من قوة المعرفة (162) بالله تعالى، وأنه كلما ازداد العبد إيمانا ومعرفة ازداد بطنه، وبعضهم يقول أن المعرفة تحرق (163) كل ما يرد البدن من الغذاء. واعلم أن ضعف القدمين الطبيعي لازم لأصحاب النقرس، ولذلك تنجذب إليها الفضول من سائر البدن، فإن كان البدن نقيا لم تجد ما ينجذب إليه فكان سليما من هذه العلة. والسكون الدائم يضر بهذه العلة لقلة التحلل، ويضر فيها أيضا شرب الخمر القوي الكثير الدائم، ولاسيما إذا PageVW0P094B شربوه على جوع، لعظم (164) نكايتها (165) بالعصب؛ ويضرهم أيضا الجماع ولاسيما من أكره نفسه عليه وأفرط فيه. قال جالينوس: وقد كان من يصيبه النقرس على عهد أبقراط قليلا جدا لحسن تدبير الناس (166) أنفسهم في المأكل والمشرب والرياضة، فلما مال الناس إلى الدعة وانهمكوا في الشهوات وأكثروا في ذلك بحيث (167) لا يمكن أن يتوهم PageVW2P113A المتوهم (168) زيادة عليه كثرت فيهم هذه العلة؛ ولذلك صار الخصيان يبتلون (169) في هذا الزمان بهذه العلة. PageVW3P106B قال جالينوس: في (170) أكثر الأحوال يعرض أولا النقرس، فإذا دام بهم صاروا إلى أوجاع المفاصل. قال: وقد زاد أيضا على ما وصفنا من أسباب النقرس أن أكثر من يولد في زماننا (171) هذا يولدون من آباء ومن أجداد بهم النقرس، فكان المني الذي يولدون منه منيا رديئا، ومن قبل ذلك تضاعفت على أولادهم بلية ضعف القدمين (172)، وزاد على ما كان عليه في آبائهم. وهذه PageVW1P081B العلة إنما تكون لدفع الأعضاء العليا الشريفة إلى الأعضاء السفلى الضعيفة، والخصيان يضعف منهم (173) الدماغ، فيضعف دفعه إلى الأعضاء السفلية، إلا أن تزداد المواد في الكثرة والرداءة، وكذلك الحال في النساء والصبيان.

[فصل رقم 292]

[aphorism]

Bog aan la aqoon