Sharaxa Diwaanka Mutanabbi
شرح ديوان المتنبي
Baare
مصطفى السقا/إبراهيم الأبياري/عبد الحفيظ شلبي
Daabacaha
دار المعرفة
Goobta Daabacaadda
بيروت
- ٤ - الْغَرِيب يُرِيد برطوبة الدَّهْر لينه وسهولته بِخِلَاف القساوة والصلابة الْمَعْنى يطيب عَيْش أهل الأَرْض ويلين فَكَأَن الدَّهْر يلين ويطيب لَهُم وينقاد كَقَوْل البحترى
(أشْرقْن حَتَّى كادَ يَقْتَبِسُ الدُّجَى ... وَرَطُبْنَ حَتَّى كادَ يجرى الجَنْدَل)
فَجعل الصخر يكَاد يجرى للين رُطُوبَة الزَّمَان وفى ضِدّه لبَعْضهِم
(كأنَّ قَلْبَ زَمانِى ... علىَّ صَخْرٌ وصِفْرٌ)
وَيجوز أَن يكون أَرَادَ أَبُو الطّيب أَن مَاء الْغَيْث يَنْقَطِع وعطاؤك دَائِم لَا يَنْقَطِع وذكرك لَا يَنْقَطِع بِمَا تُعْطى وَبِمَا تجْعَل بعْدك فى سَبِيل الله من الْوُقُوف وَغَيرهَا
٥ - الْغَرِيب السوارى السحب السارية فِي اللَّيْل دون النَّهَار لِأَن السرى مَخْصُوص بِاللَّيْلِ والغوادى مَا غَدا من السحب والأحباء جمع حبيب كشريف وأشرفاء والطراب جمع الْوَاحِد طرب وطروب للذى يطرب ويحركه الشوق الْمَعْنى يُرِيد أَن هَذِه السحب تسايرك كَمَا يُسَايِر الحبيب حَبِيبه لتتعلم من جودك وَقد بَينه بعده فَقَالَ
(تفِيد الْجُود ... . الخ ...)
٦ - الْمَعْنى تفِيد أى تستفيد الْجُود مِنْك فتعلمه لتأتى بِمثلِهِ وَلكنهَا لَا تقدر أَن تأتى بِمثل أخلاقك العذبة لِأَنَّهَا عاجزة عَن الْإِتْيَان بِمثل أخلاقك
١ - الْإِعْرَاب أهْدى اسْم منادى بِإِسْقَاط حرف النداء أفعل إِذا كَانَ للتفضيل فبينه وَبَين أفعل التَّعَجُّب مُنَاسبَة وَذَلِكَ أَنه يُقَال هَذَا أَقُول من هَذَا وَمَا أقوله لَهُ فَتَصِح الْوَاو فِي المثالين وَيمْتَنع أَن يُقَال هَذَا أَحْمَر من هَذَا أى أَشد حمرَة كَمَا يمْتَنع أَن يُقَال مَا أحمره أى مَا أَشد حمرته وَفعل التَّعَجُّب يبْنى من ثَلَاثَة أَفعَال ثلاثية فعل بِفَتْح الْعين وَفعل بِكَسْرِهَا وَفعل بضَمهَا وَلَا يبْنى إِلَّا من فعل قد سمى فَاعله وَلَا يجوز أَن يبْنى من فعل غير مُسَمّى الْفَاعِل فَيُقَال مَا أضْرب أَخَاك لِأَنَّهُ مَأْخُوذ من ضرب أَخُوك مِم وَقع التَّعَجُّب من كَثْرَة ضربه فَإِذا قلت ضرب أَخُوك لَا يَصح أَن يُقَال مَا أضْرب أَخَاك وَأَنت تُرِيدُ مَا أَشد الضَّرْب الذى ضربه أَخُوك وَأهْدى يجوز أَن يكون من هدى الْوَحْش إِذا تقدم فَيكون سَهْما مَنْصُوبًا على التَّمْيِيز فَيكون أفعل من فعل لَهُ فَاعل وَيكون الْفِعْل للسهم وَيجوز أَن يكون الْفِعْل للمخاطب من قَوْلهم هديته الطَّرِيق فَإِذا حمل على ذَلِك فسهما مَنْصُوب بِفعل مُضْمر يدل عَلَيْهِ أهْدى لِأَن فعل التَّعَجُّب لَا يجوز أَن ينصب مَفْعُولا وَكَذَلِكَ أفعل الذى للتفضيل وعَلى ذَلِك حمل قَوْله
(أكَرُّ وأحْمَى للْحَقِيقَةِ مِنْهُمُ ... وأضْرَبُ مِنَّا فى اللِّقاءِ القَوانِسا)
فنصب القوانس بِفعل مُضْمر ثمَّ الْكَلَام عِنْد قَوْله وأضرب منا ثمَّ أضمر فعلا نصب بِهِ القوانس تَقْدِيره يضْرب القوانس فَيكون من جنس الْكَلَام وَقَالَ الواحدى أهْدى من هديت هدى فلَان أى قصدت قَصده وَمِنْه الحَدِيث " واهدوا هدى عمار " أى اقصدوا قَصده فَيكون الْمَعْنى يَا أقصد الْعَالمين سَهْما إِلَى قلبى يُرِيد أَن عَيْنَيْهِ تصيب بلحظها وَلَا تخطئه وَيَا أقتل النَّاس لأهل الدروع من غير حَرْب يُرِيد أَنه يقتلهُمْ بلحظه من غير حَرْب وَهَذَا الْمَعْنى كثير للشعراء
1 / 47