268

Sharaxa Diwaanka Mutanabbi

شرح ديوان المتنبي

Baare

مصطفى السقا/إبراهيم الأبياري/عبد الحفيظ شلبي

Daabacaha

دار المعرفة

Goobta Daabacaadda

بيروت

- الْمَعْنى قَالَ الواحدى هَذَا من أحسن مَا مدح بِهِ ملك وَهُوَ مديح موجه ذُو وَجْهَيْن وَذَلِكَ لِأَنَّهُ مدح فى المصراع الأول بالشجاعة وَكَثْرَة قتل الْأَعْدَاء فَقَالَ نهبت من أَعمار الْأَعْدَاء بِقَتْلِهِم مَا لَو عشته لكَانَتْ الدُّنْيَا مهنأة ببقائك فِيهَا خَالِدا وَهَذَا الْوَجْه الثانى من المديح جعله جمالا للدنيا فتهنأ الدُّنْيَا بِبَقَائِهِ فِيهَا وَلَو قَالَ
(مَا لَو عشته لبقيت خَالِدا ...)
لم يكن الْمَدْح موجها انْتهى كَلَامه وَقَالَ الصاحب إِسْمَاعِيل بن عباد هَذَا الْمَدْح موجه كَمَا قَالَ الواحدى وَقَالَ الربعى الْمَدْح فى هَذَا من وُجُوه أَحدهَا أَنه وَصفه بِنَهْب الْأَعْمَار لَا الْأَمْوَال الثانى أَنه كثر قتلاه بِحَيْثُ لَو ورث أعمارهم خلد فى الدُّنْيَا وَالثَّالِث أَنه جعل خلوده صلاحا لأهل الدُّنْيَا بقوله
(لهنئت الدُّنْيَا ...)
الرَّابِع أَن قتلاه لم يكن ظَالِما فى قَتلهمْ لِأَنَّهُ لم يقْصد بذلك إِلَّا صَلَاح الدُّنْيَا وَأَهْلهَا فهم مسرورون بِبَقَائِهِ فَلذَلِك قَالَ لهنئت الدُّنْيَا أى أهل الدُّنْيَا وَقَالَ أَبُو الْفَتْح لَو لم يمدحه إِلَّا بِهَذَا الْبَيْت لَكَانَ قد أبقى لَهُ مَالا يمحوه الزَّمَان
٣٨ - الْمَعْنى يُرِيد أَنَّك للْملك بِمَنْزِلَة الحسام لَكِن الضَّارِب بِهِ الله ﷻ وَأَنت للدّين لِوَاء وَالله عَاقد لَا غَيره
٣٩ - الْغَرِيب الهيجاء تمد وتقصر وهى من أَسمَاء الْحَرْب الْمَعْنى يَقُول يَا بن أَبى الهيجاء أَنْت أَبُو الهيجاء بن حمدَان يعْنى صِحَة شبهه بِأَبِيهِ حَتَّى كَأَنَّهُ هوهو وَهُوَ معنى قَوْله
(تشابه مَوْلُود ...)
٤٠ - الْإِعْرَاب ترك صرف حمدون وحارث ضَرُورَة وَهُوَ // جَائِز عندنَا غير جَائِز // عِنْد بعض الْبَصرِيين ووافقنا الْأَخْفَش وَابْن برهَان والفارسى وَحجَّتنَا إجماعنا على جَوَاز صرف مَالا ينْصَرف فى الشّعْر ضَرُورَة فَلذَلِك جَوَّزنَا ترك صرف مَا ينْصَرف فى الشّعْر وَقد جَاءَ كثيرا فى أشعارهم وَقَالَ الأخطل
(طلب الأزارق بالكتائبِ إِذْ هَوَتْ ... بشَبيبَ غائلةُ الثُّغور غَدورُ)
فَترك صرف شبيب وَهُوَ منصرف وَقَالَ حسان بن ثَابت
(نَصَرُوا نبِيَّهُمُ وشدّوا أزْرَهُ ... بحنينَ يوْمَ تَواكُلِ الأبْطالِ)
فَلم يصرف حنينا وَهُوَ مَصْرُوف وَقَالَ الفرزدق ١
(إِذا قالَ يوْما مِن تًنُوخَ قصيدةً ... بهَا جَرَبٌ عَدّت علىّ بزوبَرَا)
فَترك صرف زوبر وَهُوَ منصرف وَقَالَ الآخر
(وَإِلَى ابْن أمّ أُناسَ أَرْحَلُ ناقتى ... عَمْرٍ وفَتُبْلِغ حاجتى أَو تُزْحِفُ)
فَترك صرف أنَاس وَهُوَ منصر ف وَأم أنَاس هى بنت ذهل بن شَيبَان وَعَمْرو هُوَ ابْن حجر الكندى وَقَالَ الآخر
(أُؤَمل أَن أعيشَ وأنّ يوْمى ... بأوّلَ أَو بأهونَ أَو جُبارِ)
(أَو التالى دُبارَ فَإِن أفُتْه ... فمؤْنسَ أَو عروبةَ أوشِيارِ)
فَترك صرف مؤنس ودبار وهما مصروفان فَهَذِهِ أَسمَاء الْأَيَّام فى الْجَاهِلِيَّة أول الْأَحَد وأهون الِاثْنَيْنِ وجبار الثُّلَاثَاء ودبار الْأَرْبَعَاء ومؤنس الْخَمِيس وعروبة الْجُمُعَة وشيار السبت وَقَول الآخر
(قَالَت أُمَيْمة مَا لثابتَ شاخطًا ... عارِى الأشاجع ناحلًا كالمُنصُلِ)
فَترك صرف ثَابت وَهُوَ مَصْرُوف وَقَول الْعَبَّاس بن مرداس السلمى
(فمَا كَانَ حِصْن وَلَا حابِسٌ ... يَفوقانَ مِرْداسَ فى مَجْمَعِ)
وبهذه الرِّوَايَة جَاءَ فى الصَّحِيحَيْنِ وَلَيْسَ بعد الصَّحِيحَيْنِ شئ يرجع إِلَيْهِ وَقَول الآخر
(وقائلَةٍ مَا بالُ دَوْسَرَ بَعدنَا ... صَحا قلبُه عَن آل ليلى وَعَن هِنْدِ)
فَترك صرف دوسر وشواهدنا كَثِيرَة وَأما الْقيَاس فَإِذا جَازَ حذف الْوَاو المتحركة للضَّرُورَة كبيت الْكتاب ٢
(فبيناهُ يَشْرِى رَحُلَه قَالَ قائلٌ ... لمنُ جَمَلُ رِخْوُ المِلاط نجيبُ)
فجواز حذف التَّنْوِين للضَّرُورَة أولى وَالْوَاو من هُوَ متحركة والتنوين سَاكن وَلَا خلاف أَن حذف السَّاكِن أسهل من حذف المتحرك وَلِهَذَا الذى ذَكرْنَاهُ وَصِحَّته وَافَقنَا أَبُو على وَأَبُو الْقَاسِم بن برهَان وَلم يُنكره أَبُو بكر بن السراج وَحجَّة الْبَصرِيين أَن الأَصْل فى الْأَسْمَاء الصّرْف فَلَو جَوَّزنَا لَأَدَّى ذَلِك إِلَى رده عَن الأَصْل إِلَى غير الأَصْل والتبس مَا ينْصَرف بِمَا لَا ينْصَرف الْمَعْنى قَالَ الواحدى كل من آبَائِك يشبه أَبَاهُ قَالَ وتهزأ الصاحب من هَذَا الْبَيْت فَقَالَ لم يزل يستحسن جمع الأسامى فى الشّعْر كَقَوْل الشَّاعِر
(إنْ يقْتُلُوكَ فَقَدْ ثَلَلْتَ عُرُوشَهُمْ ... بقُتَيْبَةَ بْنِ الحارِثِ بْنِ شِهابِ)
وَقَول دُرَيْد بن الصمَّة
(قَتَلْنا بعَبْد الله خَِيْرَ لِداته ... ذُؤابَ بن أَسمَاء بن زيد بن قَارب)
واحتذى هَذَا الْفَاضِل على طرقهم فَقَالَ وَأَنت أَبُو الهيجاء وَمَا بعده وَهَذَا من الْحِكْمَة الَّتِى ذخرها أفلاطون وأرسطاطا لَيْسَ لهَذَا الْخلف الصَّالح انْتهى كَلَامه الْمَعْنى قَالَ ابْن فورجة أما سبك الْبَيْت فَأحْسن سبك يُرِيد أَنْت تشبه أَبَاك وَأَبُوك كَانَ يشبه أَبَاهُ وَأَبوهُ أَبَاهُ فَأَنت أَبوك إِذا كَانَ فِيك أخلاقه وَأَبُوك أَبوهُ إِلَى آخر الْآبَاء فليت شعرى مَا الذى استقبحه فَإِن استقبح قَوْله وحمدان حمدون فَلَيْسَ فى حمدَان مَا يستقبح من حَيْثُ اللَّفْظ بل وَالْمعْنَى كَيفَ يصنع وَالرجل اسْمه هَكَذَا وَهَكَذَا آباؤه وَهَذَا على نَحْو مَا قَالَ الطائى
(عَبْدُ المليكِ بن صَالح بنِ عَلى بْنَ ... قَسِيمِ النَّبِىّ فى حَسَبِه)
والبحترى حَيْثُ يَقُول
(علىّ بن عيسَى ابنٌ لمُوسَى بن طَلْحَة بنِ ... سائبةَ بن مالكٍ حينَ يَنْطِق)
وكقول أَبى بكر بن دُرَيْد
(فنِعْمَ فَتى الجُلَّى ومُستنبِط النَّدَى ... ومَلْجأ مْحروب ومَفْزَع لاهثِ)
(عباد بن عَمرِو بن الجليس بن جَابر ... بنِ زيد بن مَنْظُور بن زيد بن وارثِ)
٤١ - الْغَرِيب الزَّوَائِد هى الرواويل الَّتِى تنْبت وَرَاء الْأَسْنَان واحدتها راوول الْمَعْنى يُرِيد أَن هَؤُلَاءِ الَّذين ذكرهم كَانُوا للخلافة بِمَنْزِلَة الناب بهم تمْتَنع الْخلَافَة امْتنَاع السَّبع بنابه وَسَائِر الْمُلُوك زَوَائِد لَا حَاجَة للخلافة بهم

1 / 277