Sharh Dalil al-Talib - Abdullah al-Maqdisi
شرح دليل الطالب - عبد الله المقدسي
Baare
أحمد بن عبد العزيز الجماز
Daabacaha
دار أطلس الخضراء للنشر والتوزيع
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ مـ
Goobta Daabacaadda
السعودية - الرياض
Noocyada
شَرحُ
دَليلِ الطَّالبِ لِنَيْلِ المَطَالِبِ
تَأليفُ
الشَّيخ عَبد الله بنِ أحمد بن يحيى المَقدِسِيِّ
١٠٩١ هـ
تحقِيقُ
أحمَد بن عَبد العزيز الجمّاز
المُجَلَّدُ الأَوَّلُ
دَارُ أطْلس الخضراء
للنشر والتوزيع
1 / 1
بسم الله الرحمن الرحيم
1 / 2
شَرحُ
دَليلِ الطَّالبِ لِنَيْلِ المطَالِبِ
(١)
1 / 3
جَمِيْعُ الحُقُوقِ مَحفُوظَةٌ
الطَّبعَةُ الأولى
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ مـ
دَارُ أطلس الخضراء
للنشر والتوزيع
المملكة العربية السعودية - الرياض
هاتف: ٤٢٦٦١٠٤ - ٤٢٦٦٩٦٣ فاكس: ٤٢٥٧٩٠٦
www.facebook.com/DARATLAS
twitter:@dar-atlas
dar-atlas@hotmail.com
1 / 4
المُقَدِّمَة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
إنَّ الحمدَ لله، نحمدُه ونَستعينُه، ونَستغفِرُه، ونعوذُ بالله مِن شُرورِ أنفُسِنَا، وسيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِه الله فَلا مُضلَّ له، ومن يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلاَّ اللهُ، وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه.
أما بعد:
فإنَّ كتابَ "دليل الطالب لنيل المطالب" للشَّيخ الفَقيه مَرعِي بنِ يوسفَ الكَرْمِي الحنبلي، المتوفى سنَةَ (١٠٣٣ هـ) من أهمِّ المتونِ العلميَّةِ في فقهِ المذهَبِ الحنبليِّ، وحُقَّ له أن يكونَ كذلك؛ إذ هو من أعظَمِ الكُتبِ نَفعًا، وأكثرِهَا جَمْعًا، وأوضَحِهَا إشَارَةً، وأسلَسِهَا عِبَارَةً، وأوسَطهَا حَجمًا، وأغزَرِهَا عِلمًا، وأحسَنِهَا تفصِيلًا وتَفرِيعًا، وأجْمَعِهَا تَقسيمًا وتنوِيعًا، وأكمَلِهَا تَرتِيبًا، وألطَفِها تَبويبًا، قد حوى غالِبَ أُمَّهَاتِ مسَائلِ المَذهَبِ، فمَن حصَّلها فقد ظَفِرَ بالكَنزِ والمطلَبِ، فهو كما قال مصَنِّفُهُ فيه: "بالغتُ في إيضَاحِه رَجاءَ الغُفرَانِ مِن اللهِ جَلَّ وعَلا، وبيَّنتُ فيه الأحكَامَ أحسَنَ بَيانٍ". ولقد صَدَقَ وبَرَّ ونصَحَ، فهو الحَبْرُ الإمَامُ، فإن مَن نَظَر فيه بعَين التَّحقيقِ والإنصَاف، وَجَدَ ما قال حقًّا وافيًا بالمرَاد من غير خلافٍ (^١).
_________
(^١) اقتبست هذا النص من مقدمة المرداوي في "الإنصاف" في وصفه "للمقنع" دون ما بين المعكوفين منه، فأنزلته على "الدليل" وحق له هذا الوصف.
1 / 5
قال صاحِبُ "السحب الوابلة": فهو من الكُتبِ التى يُعتَمدُ عليها، فإنَّه خُلاصَةُ صَحيحِ المذهب (^١).
وإنَّه لمَّا كانَت منزلَتُه بهذه المثابَةِ، تسابَقَ لخدمتِه أهلُ العلِم والفَضلِ؛ بإيضاحِ خَفيِّ مكنونَاتِه، وشَرحِ ما أُغلِقَ من عِباراتِه، وذِكرِ مُستَندِه بنصوصِه وتَعليلاتِه. فوضَعوا عليه الشروحَ والحَواشي، والتعليقاتِ والزوائدِ.
وإن مِن أوائِلِ أولئكَ العلماءِ الذينَ عُنوا بهذا المتنِ الشيخُ عبد الله بنُ أحمدَ بنُ يحيى المقدسيُّ الكرميُّ، حيثُ وضعَ عليه هذا الشرحَ الذي بينَ يديكَ.
وقد امتازَ بخصائِصَ عَديدَةٍ من أهمِّها:
أولًا: أنَّ مؤلِّفَه قَريبٌ من الشيخِ مرعيّ عِلمًا ونَسبًا، أمَّا العِلمُ: فهو ابنٌ لأحَدِ أكابرِ تلامِذَةِ الشيخِ مرعِيّ، وهو الشيخُ العلَّامَةُ أحمدُ بن يحيى المقدسىُّ الكرميُّ. وأمَّا النَّسبُ: فالشيخُ مَرعيٌّ عَمٌّ لأَبيه. وذلك قرينةٌ على دِرايَةِ المؤلِّف بخفيِّ المرادِ مِن العِبارَات.
إضافةً إلى أنَّ جدَّه لأمِّه هو الشيخُ العلامةُ محمد بنُ أحمد المرداويُّ، المتوفَّى سنةَ ١٠٢٦ هـ، أحدُ أكابرِ مشايخِ منصور البُهوتيِّ ومرعيٍّ وغيرِهما مِن كبارِ الحنابلةِ في مِصرَ. وقد صرَّح المصنِّفُ بهذِه الصِّلَةِ في آخرِ "بابِ الإجارة" من شرحِه هذا.
وبهذا يكُونُ المؤلِّفُ ينتَمي لأحَدِ بُيوتَاتِ الحنابِلَةِ الكَبيرَةِ في زمنه، مما زانَهُ قَدرًا ورِفعةً وشَرفًا.
_________
(^١) انظر "كشف النقاب" لابن حمدان ص (٩٠).
1 / 6
ثانيًا: حِرصُه على ذِكرِ الدَّليلِ والتعليلِ في غالِبِ مَسائلِه، دونَ تعرُّضِه للخِلاف، إلا ما ندر، خصوصًا في المذهب.
ثالثًا: شَرحُه لألفَاظِ المتنِ بعِباراتٍ موجزَةٍ، رَكَّب فيها الشرحَ بالمتنِ فصارَا كمَتنٍ واحِدٍ.
رابعًا: ذِكرُه لزيادَاتِ المسائِلِ، والفَوائدِ، والفروع، والتنبيهاتِ.
خامسًا: أنه زادَ المتنَ وزَانَه رَونَقًا وبهاءً بالتَّرتيباتِ البديعَةِ، والتقسيماتِ المُنيفَةِ، والتنويعَاتِ المفصِّلَةِ، والحدودِ المبيِّنَةِ.
سادسًا: كثرةُ نقولِه عن كُتُبِ الأصحابِ واعتمادِه لها، خصُوصًا المتأخرين مِنهُم؛ ابتداءً من المرداوي في "الإنصاف"، ومرورًا بالحجَّاويِّ في "الإقناع"، والفُتُوحي في "المنتهى" و"معونة أولي النهى"، وانتهاءً بالشيخ مَرعيٍّ في "غاية المنتهى"، والبُهوتي في "دقائق أولي النهى"، و"إرشاد أولي النهى"، و"حواشي الإقناع"، و"كشاف القناع"، و"الروض المربع".
سابعًا: اعتِناؤُهُ باختِيارَاتِ الشيخِ تقيِّ الدِّينِ ابنِ تيميَّةَ، ونقلُهُ عنه كَثيرًا.
ثامنًا: نقلُ العلماءِ عنه في شُروحِهِم واستفادتُهم منه، كما صَنَعَ ابنُ عوض في "فتح وهاب المآرب"، وابنُ حميد في "حاشيته على المنتهى"، وغيرُهما.
تلك خصائصُ جَليلةٌ تُنبئُ عن أهميَّةِ هذا الشرحِ، وجعلِه في دَرجَةٍ عاليةٍ عندَ عُلماء المذهَبِ.
1 / 7
وهذا ما جعَلَني أعقِدُ العزمَ على إخراجِه محقَّقًا، مُستعينًا بالله وحدَه؛ ليُفيدَ منه طلبهُ العلِمِ، وينهلوا من مَعينِه الصَّافى. وذلك بعدَ أن يسَّرَ اللهُ تعالى الحصولَ على نسخةٍ خطيَّةٍ منه.
وبتوفيقٍ مِن اللهِ تمَّ ما أردتُ، بعدَ أن بذَلتُ ما بوسعِي من الجهدِ والوقتِ؛ لإخراجه على هذه الصورَةِ التي أضعُها بين يَديكَ. والله سبحانَه المستعانُ، وعليه التُّكلان، فما كان فيه من صوابٍ فمِن الله وحدَه، فهو الموفِّقُ له والمعينُ عليه، وما كانَ فيه من خطأ فمنِّي ومن الشَّيطانِ، والله بريءٌ من ذلك ورسولُه.
أسأل الله تعالى أن يجعلَه عملًا مُباركًا، وأن ينفعَ به عبادَه المؤمنين، وأن يغفرَ لي ولوالِدَيَّ وللمسلِمين، والحمدُ لله أوَّلًا وآخِرًا، وصلى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وآلِه وسلَّمَ تسليمًا كثيرًا.
وكتَبه
أحمَد بن عَبد العزيز الجمّاز
١/ ٣/ ١٤٣٦ هـ
شقراء - السعودية
1 / 8
ترجمة الشيخ مرعي الكَرمي (^١)
نسبه:
هو العالم العلامةُ الشيخُ مَرعيُّ بن يوسفَ بن أبي بكر بن أحمد بن أبي بكر بن يوسف الكرمي المقدسي، الأزهري المصري، الحنبلي.
ولادته ونشأته وطلبه للعلم:
ولد الشيخ مرعي في طولكَرَم المدينةُ المعروفةُ في فلسطين، ونَشأَ فيها، وتلقَّى عُلومَه الأولى فيها، ثم رحَلَ إلى بيتِ المقدِس ليأخُذَ عن علمائِه، فأقامَ مدَّةً مِن الزَّمن، بعدَها رحَلَ إلى مصرَ؛ حيثُ الجامعُ الأزهرُ، وفيه استكمَلَ دِراسَتَه، وأخذَ عن عددٍ من العلماءِ والمشايخ، ثم تصدَّر للإقراءِ والتدريسِ والتأليف، وتولَّى المشيخَةَ بجامِعِ السلطانِ حَسَن في القاهرة.
لقد كان مُنهمكًا في تحصيلِ العلومِ انهماكًا كُليًا؛ حيثُ قطعَ زمانَه بالإفتاءِ والتدريس، والتحقيق والتصنيف، حتى صار أحدَ أكابرِ عُلماءِ الحنابلةِ بمصر.
مشايخه:
تلقَّى الشيخُ مرعيٌّ العلمَ عن عددٍ كبيرٍ من العلماءِ والمشايخِ في بَلَدِه طُولكَرم، والقدس الشريف، والقاهرة، ومن هؤلاء:
_________
(^١) انظر ترجمته في "خلاصة الأثر" (٤/ ٣٥٨) (مختصر طبقات الحنابلة) (ص ٩٨)، "الأعلام" (٧/ ٢٠٣)، "المدخل" لابن بدران (ص ٢٢٦)، "السحب الوابلة" (٢/ ١١١٨).
1 / 9
١ - الشيخ العلامة محمد بن أحمد المرداوي القاهري، فقيهُ الحنابلةِ وشيخُهم في عَصره، توفي بمصر سنة ١٠٢٦ هـ.
٢ - المفسِّرُ المحدِّثُ الواعظُ محمد بن حجازي بن محمد بن عبد اللَّه الأكراوي، توفي في القاهرة سنة ١٠٣٥ هـ.
٣ - الشيخ الفَرَضي يحيى بن موسى الحجَّاوي المقدسي الدمشقي.
٤ - العالم المحقق أحمد بن محمد الغنيمي الأنصاري، فقيه مصر، توفي سنة ١٠٤٤ هـ.
تلاميذه:
ممن أخذ عن الشيخ مرعي في مصر:
١ - الشيخ محمد بن موسى الجمَّازي المالكي، توفي بمصر سنة ١٠٦٥ هـ.
٢ - العالم عبد الباقي بن عبد الباقي البعلي، المعروف بابن (فقيه فِصَّه)، وتوفي بدمشق سنة ١٠١٧ هـ.
٣ - الشيخ أحمد بن يحى الكرمي المقدسي، توفي بالقاهرة سنة ١٠٩١ هـ. وهو والد مصنف "شرح الدليل".
مؤلفاته:
١ - الفوائد الموضوعة في الأحاديث الموضوعة.
٢ - أقاويل الثقات في تأويل الأسماء والصفات والآيات المحكمات والمتشابهات.
1 / 10
٣ - قلائد المرجان في بيان الناسخ والمنسوخ من القرآن.
٤ - بهجة الناظرين في آيات المستدلين.
٥ - دفع الشبهة والغرر عمن احتج على المعاصي بالقدر.
٦ - غاية المنتهى في الجمع بين الإقناع والمنتهى.
٧ - الشهادة الزكية في ثناء الأئمة على ابن تيمية.
٨ - دليل الطالب لنيل المطالب. وهو أصل هذا الشرح.
ثناء العلماء عليه:
قال محمد أمين المحبي عنه: أحدُ أكابِرِ عُلماءِ الحنابلةِ بمصرَ، كان إمامًا محدثًا فقيهًا، ذا اطلاع واسع على نقول الفقه ودقائق الحديث، ومعرفة تامة بالعلوم المتداولة.
وقال محمد جميل الشطي: شيخُ الإسلام، وأحد العلماء الأعلام، فريد عصره وزمانه، ووحيد دهره وأوانه، صاحب التآليف العديدة، والتحريرات المفيدة، العلامة بالتحقيق والفهامة بالتدقيق.
وقال ابن حميد: العالم العلامة، البحر الفهامة، المدقق المحقق، المفسر المحدث الفقيه، الأصولي النحوي، أحد أكابر علماء الحنابلة بمصر.
ووصفه الشيخ بكر أبو زيد بأنه من مجتهدي المذهب المتأخرين.
وفاته:
توفي بمصر في شهر ربيع الأول سنة ١٠٣٣ هـ ﵀ رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته.
1 / 11
ترجمة الشيخ عبد اللَّه المقدسي (^١)
نسبه:
هو الشيخ عبد الله بن الشيخ أحمد بن يحيى بن يوسف بن أبي بكر بن أحمد بن أبي بكر بن يوسف بن أحمد الحنبلي الكرميُّ؛ نسبةً لطورِ كَرم، مِن قرى نابلس، ثم المقدسىُّ.
وبذلكَ يكونُ الشيخُ مرعيٌّ عَمًّا لوالِدِه (^٢).
ثناءُ العلماء عليه:
قال الغَزِّي في "النعت الأكمل" (^٣): الشيخ الفاضل، الإمام الفقيه، العالم الهمام.
وقال الزركلي: فلكىٌّ من فقهاءِ الحنابِلة.
مؤلفاته:
١ - " شرح دليل الطالب" وهو هذا الكتاب الذي بين يديك.
٢ - "تحفة الألباب في بيان حكم ذوات الأذناب" فرغ من تأليفها في رمضان سنة ١٠٧٨ هـ منها نسخة بخط مؤلفها في دار الكتب المصرية برقم (٢٣٦) رياضيات عربي.
_________
(^١) انظر ترجمته في "النعت الأكمل" ص (٢٥٥)، "معجم المؤلفين" (٦/ ٣٣) "هدية العارفين" (٢/ ٣١) "الأعلام" (٤/ ٧٠).
(^٢) وقد صرح بذلك في آخر "كتاب الجنائز"، وفى (باب الوليمة) من "كتاب النكاح". وفي ترجمة الشيخ أحمد - والد المصنف - في "النعت الأكمل" ص (٢٤٩)، "السحب الوابلة" (١/ ٢٧٧) ذكرٌ لابنه الشيخ عبد الله.
(^٣) "النعت الأكمل" ص (٢٥٥).
1 / 12
٣ - "تحفة اللبيب وبغية الأريب في ربع الدائرة والمجيب" (^١).
٤ - "رسالة في معرفة أوقات الليل بالكواكب الثابتة وحركتها" (^٢).
وفاته:
ذكرَه الغَزي في "النعت الأكمل" (^٣) ضِمنَ مَن لم تؤرَّخ وفاتُه من أهلِ الطبقَةِ الثامنَةِ "مَن وقَعَت وفاتهم من سنة ١٠٧٦ هـ إلى خِتامِ سنة ١١٠٠ هـ".
إضافَةً إلى أنَّه قد ذَكَرَ في كتابِه "تحفة الألباب" أنه قد فَرَغ من تأليفِه في رمضَان سنَةَ ١٠٧٨ هـ كما هو مرقومٌ في آخِرِها.
وفي "باب الوليمة" من شرحه هذا ذَكَرَ والِدَه المتوفَّى ١٠٩١ هـ وتَرحَّم عليه، مما يدلُّ على أنَّه كان حيًّا تلك السنة، وهو آخرُ ما تبيَّن لي من تاريخِ وفاتِه، والله أعلم.
* * *
_________
(^١) لعلها التي عناها في "شرح الدليل" في الشرط الثامن من شروط الصلاة (استقبال القبلة) بقوله: "وعملتُ رسالة أيضًا في وضعِ الأرباعِ، وهو ربعُ المقنطراتِ والمجيبِ، ورسالةً في معرفةِ العملِ بهم".
(^٢) وقد ذكرها في (استقبال القبلة) الشرط الثامن للصلاة.
(^٣) "النعت الأكمل" ص (٢٥٥).
1 / 13
توثيقُ نِسبَةِ الكتَابِ إلى مُؤلِّفِه
أولًا: لا شكَّ أنَّ هذا الشَّرحَ هو لمؤلِّفِه الشيخ عبد الله المقدسي الحنبليِّ، يتبيَّنُ ذلك مما يلي:
١ - ذِكرُ عنوانِ الكتابِ واسمِ المؤلِّفِ على طُرَّةِ النُّسخَةِ الخطيَّة، حيث رُقِمَ: "كتابُ شرح دليل الطالب لنيل المطالب، تأليف الشيخ العلامة عبد الله المقدسي الحنبلي رحمه الله تعالى آمين، إنه أرحم الراحمين".
٢ - نقلُ العُلماءِ عَنه في شُروحِهم واستفادتهُم منه، ونِسبَتُهم الكتابَ إليه، كما صَنَعَ ابنُ عَوضٍ في "فتح وهاب المآرب"، وابنُ حُمَيدٍ في "حاشيته على شرح المنتهى"، وغيرهما (^١).
٣ - أنَّ بعضَ مَن ترجَم لـ" دليل الطالب" يذكُرُ هذا الشرحَ، وأنه لعبد الله المقدسيِّ، وممَّن صنَعَ ذلك الشيخُ بكر أبو زيد في "المدخل المفصل" (٢/ ٧٩٤).
ثانيًا: إذا ثبتَ ذلك، فمَن هو الشيخُ عبدُ الله المقدسي؟
قال الشيخ بكرُ أبو زيد ﵀ في "المدخل المفصل" (^٢) عندَما ذكَرَ الكتابَ ومؤلِّفَه، قال: ولم يتحرَّر لي مَن هو عبد الله المقدسي؟.
قلتُ: لقد تحرَّرَ ذلك، بحمدٍ من الله وفضلٍ، وأنَّه مَن تقدَّمَت ترجمتُه آنفًا: الشيخُ عبدُ الله بنُ الشيخ أحمدَ بنُ يحى بن يوسف بن أبي بكر بن
_________
(^١) انظر "فتح وهاب المآرب" (٢/ ١٠٧)، "حاشية ابن حميد" (١/ ٢٢٧).
(^٢) "المدخل المفصل" (٢/ ٧٩٤).
1 / 14
أحمد بن أبي بكر بن يوسفَ بنُ أحمدَ الحنبلىُّ الكرميُّ المقدسيُّ.
فيكونُ الشيخُ مرعيٌّ عمًّا لوالِدِه. كما تقدَّم. ويُثبِتُ ذلك أمورٌ أهمُّهَا ما يلي:
١ - نقلُه عَن عمِّ والِده الشيخ مرعيٍّ، وتصريحُه بذلك النَّسب في آخر "كتاب الجنائز"، وفي آخر "باب إخراج الزكاة"، وفي "كتاب الصيام"، وفي السادس والسابع من محظوراتِ الإحرام، وفي "باب الوليمة من كتاب النكاح" وغيرِها. بالعِبارَةِ التالية: "قالَ عمُّ والدي العلَّامةُ الشيخُ مرعي في كتابِه "غايةِ المُنتهَى" " ونحوها.
وليسَ ثمَّتَ أحدٌ مِن تلامِذَةِ الشيخِ مرعيٍّ يَكونُ عَمًّا لهُ سِوى الشيخِ أحمدَ بنِ يحى المقدسيِّ، كما هو مَذكُورٌ في ترجمَةِ الشيخَينِ مَرعيٍّ وأحمَدَ، مما يُبيِّنُ أنَّ الكتابَ لابنِ أحمدَ بنِ يحيى المقدسِي.
إضافة إلى أن أحمدَ بنَ يحيى لهُ ولدٌ اسمُهُ عبدُ الله، وقد وُصِفَ بالمشيَخَةِ عِندَما ذُكِرَ في ترجمَةِ والِدِه في "النعت الأكمل"، و"السحب الوابلة" وغيرِهما، حيثُ إنَّه رَوَى حِكايَةً عن والِدِه الشيخِ أحمَدَ (^١).
٢ - أن الشيخَ معروفٌ بعلمِ الفَلَكَ، وقد أشارَ إلى ذلك مَن تَرجَم له، ونسَىبَ إليه بعضَ الكتبِ في هذا الفَنِّ، كما نَصَّ هو في "شرح الدليل" في "شرط استقبالِ القبلة" على مؤلَّفَينِ مِن مُؤلَّفَاتِه في عِلمِ الفَلَك، وأحدُهما: "رسالةٌ في وضعِ الأرباعِ وهو ربعُ المقنطَراتِ والمجيب" ويعني بذلِكَ:
_________
(^١) انظر "النعت الأكمل" ص (٢٤٩)، "السحب الوابلة" (٢/ ٢٧٧).
1 / 15
الرسالةَ المذكورةَ في ترجمتِه في "معجم المؤلفين" (٦/ ٣٣): "تحفة اللبيب وبغية الأريب في ربع الدائرة والمجيب".
٣ - ذُكِرَ في ترجمته أيضًا أن له رسالةً باسم: "تحفة الألباب في بيان حكم ذوات الأذناب" فرغَ مِن تأليفِها في رمضانَ سنَةَ ١٠٧٨ هـ وبالرجوع إلى أصل النسخة الخطية - وهي من محفوظات دار الكتب المصرية برقم (١٧٨) - رأيت أنه كتب على طرتها: للعلامة عبد الله بن أحمد المقدسي الحنبلي. وفي ورقة الفهرسة: عبد الله بن أحمد بن يحيى المقدسي الحنبلي.
وبهذينِ الأَمرَين يتبيَّنُ أنَّه من عُلمَاءِ الفَلَكِ إضافةً إلى عِلمِ الفِقهِ الحنبليِّ، وأنَّه المؤلِّفُ لهذا الشرح، وتِلكَ الرسائِلِ المذكورَةِ.
عِلمًا بأنه لم يُخْلِ كتابَه هذا مِن ذِكرِ بعضِ المسائِلِ الفلكيَّةِ، ولقد رأيتُهُ صَنَعَ ذلكَ في: (استقبالِ القبلة - صلاة الكسوف - آخر صلاة الاستسقاء).
ملاحظة: الظاهرُ أنَّ المصنِّفَ لم يُتمَّ شرحَه، بل توقَّف قلمُه عندَ "باب قتال البغاة" من "كتاب الحدود". وهذا يَعني أنَّه لم يترُك إلَّا جُزءًا يَسيًرا آخرَ الكِتابِ.
وقُلتُ ذلكَ لأَمرَين:
الأوَّلُ: أنَّ النُّسخَةَ الخطيَّةَ قد انتَهت عندَ ذلك القدر، ولم تُختَم بما هو مُعتادٌ عندَ خَتمِ الكُتبِ من المصنِّف أو النَّاسِخ. وعلى تَقدير أنَّ بها
1 / 16
سَقطًا في آخرِها، فالظَّاهرُ أنه لم يتجاوز ورقَاتٍ يَسيرةً.
الثاني: أنَّ ابنَ عوضٍ المرداويَّ في كتابِه "فتح وهاب المآرب" قد أكثرَ النَّقلَ عن "شرح المقدسي" هذا، وهو الذي يَعنيه بالرَّمز: "ع ب" (^١). وكانَ آخرُ نَقلٍ نقلَه عنه هوآخرَ تعليقٍ في "باب حدِّ القذف" ولم يَنقُل بعدَ ذلك عنهُ حرفًا واحدًا، مما يدلُّ على أنَّ كتابَ المقدسيِّ قد انتَهى إلى هذا القدر. والله أعلم.
* * *
_________
(^١) وقد تتبعتُ كلَّ نقلٍ ختمه بهذا الرمز وقابلته بشرح الدليل فوجدته مطابقًا له حرفًا حرفًا، وقد أشرت بعد كل نقل إلى موضعه في "الفتح" بهوامش هذا الشرح.
تنبيه: ذكرت في مقدمة تحقيقي لكتاب" فتح وهاب المآرب" أن هذا الرمز يستعمله ابن عوض للشيخ منصور البهوتي على وجه العموم في كتبه جميعها. وهو وهمٌ مني؛ سببه: توافقُ مصدر النقلِ بين ابن عوضٍ وعبد الله المقدسي؛ إذ كلاهُما ينقلُ عن منصور خصوصًا من كتابيه "الكشاف" و"الدقائق".
1 / 17
وصفُ النسخة الخطيَّة
أمَّا بالنِّسبَةِ لمتن "دليل الطالب" فقَد اعتمَدتُ في تحقيقِه على خمسِ نُسخٍ خطيَّة، ذكرت تفاصيلَها في النسخَةِ التي أفردتُهَا بالطباعَةِ في مجلّدٍ واحدٍ، تولَّت "دار التوحيد للنشر" طباعتَه ونَشرَه.
وأمَّا "شرح دليل الطالب" فقَد يسَّرَ اللَّه تعالى الحصولَ على نُسخَةٍ خطيَّةٍ ضِمنَ مخطوطاتِ مكتبَة آل عبد اللطيف، المحفوظَةِ بخزينةِ المخطوطاتِ بدَارة الملك عبد العزيز. تفضَّلَ الإخوَة في مركَز المخطوطات بتزويدِي بمصوَّرَةٍ منها، فشَكرَ الله لهم حسنَ صَنيعِهم وفاضِلَ تعاونهم، وباركَ في جهودِهم.
وهي على الوصف التالي:
رقم الحفظ: (٤٢٣٨) فقه حنبلي.
المجموعة: آل عبد اللطيف.
رقم التسلسل: (٤٥).
عنوان المخطوط: "شرح دليل الطالب".
عدد أوراقها: (٣٩٥) لوحة، كل لوحة تحوي صفحتين.
عدد الأسطر لكل صفحة: (٢٥) سطرًا.
لا يوجد تاريخٌ لنَسخِها، ولا اسمُ النَّاسِخِ لها؛ بسَبب نقصٍ في آخرِ النسخة.
1 / 18
ملاحظات:
• يوجد بالنَّسخَةِ سَقطٌ في أوَّلها بمقدارِ صَفحَتين خطِّيتين تقريبًا، وفي وسطها في "كتاب الوصية" سقطٌ آخرُ بمقدارِ أربعِ لوحاتٍ من المخطوطِ شَمِلَ بقيَّةَ باب الموصى به، وبابِ الموصى إليه، عدا السطرين الأخيرين منه.
وأما آخرها فقد توقَّفَت النسخةُ عند "باب قتال البغاة" في "كتاب الحدود" وفي غالب الظن أن المؤلف توقف عند هذا القدر من الشرح ولم يكمل الكتاب، كما تقدم.
• قد أتلَفَت الأرضَةُ جُزءًا كبيرًا من كَعبِ النسخَةِ؛ مما تسبَّب منه تآكلُ الهوامش الوسطى للصفحات، إلا أنه بحمد الله لم يصلْ إلى الجزءِ المكتوب.
• خط النُّسخَةِ متوسِّطُ الجودَةِ، وبها تصحيف لبعضِ الكلمات، وأخطاءٌ نحويَّةٌ ليسَت قليلَةً.
• على النسخة بعضُ الهوامش والتعليقاتِ، لم أُثبِتها.
• كتب متنُ الدليل باللون الأحمر؛ تمييزًا له عن الشرح.
• النسخة عليها تملُّكُ الشيخِ عبد العزيز بن إبراهيم بن عبد اللطيف، ثمَّ تملّكُ عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عبد العزيز العبد اللطيف الباهلي.
نسأل اللَّه التوفيقَ والسدادَ والإخلاصَ في القولِ والعملِ.
* * *
1 / 19
المنهج في تحقيق الكتاب
أمَّا بالنَّسبَةِ لمتن "دليل الطالب" فقد اعتمدتُ النسخةَ التي قُمتُ بتحقيقِها في مجلَّدٍ واحدٍ، تولَّت "دار التوحيد للنشر" طباعتَه ونشرَه.
وأما "شرح دليل الطالب" فقد اتبعتُ في تحقيقِه الخطواتِ التالية:
١ - تمَّ نسخُ الشرحِ من واقِع النسخَةِ الأصليَّةِ.
٢ - قابَلتُ المنسوخَ معَ أصلِ المخطوطَةِ، للتأكّدِ من سلامَةِ النَّسخِ.
٣ - قابَلتُ ما نقَلَه المصنفُ على مصادِرِ النقلِ. وقد أكثَرَ النقلَ من كُتبِ مُتأخِّري الأصحابِ، خُصوصًا شرحَي الشيخِ مَنصور على "المنتهى" و"الإقناع"، مما يسَّر علىَّ قراءةَ المخطوطِ، وتصويب الأخطاء الواردَةِ فيه، وفقًا لمصدر النقل.
٤ - وثَّقتُ النقولَ للمراجع التي نَقلَ عنها المصنِّفُ مُباشرةً في الغَالِب، دونَ ما نقلَ عنه بواسِطةٍ، بذكِرِ المرجعِ حسَب المطبوع من مصادر النقل.
٥ - صحَّحتُ الأخطاءَ النحويَّةَ والتصحيفَاتِ الواردَةَ في المخطوط، مُعتَمِدًا على مَصادِر النقل، دونَ الإشارةِ لذلك، رغبةً في اختصارِ الهوامش.
٦ - علَّقتُ على ما رأيتُه يحتاجُ لتعليقي فيما يتعلَّقُ بمسائلِ العقيدَةِ بعبارةٍ موجَزَةٍ ونقلٍ لطيفٍ.
٧ - علَّقتُ على بعضِ العبارات المبهمة - وهو قليل - لتقريبِ المرادِ، بعبارَةٍ موجزَةٍ.
1 / 20