Sharaxa Cumdatul Fiqh
شرح عمدة الفقه (من أول كتاب الصلاة إلى آخر باب آداب المشي إلى الصلاة)
Tifaftire
د. صالح بن محمد الحسن
Daabacaha
مكتبة الحرمين
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤٠٩ هـ - ١٩٨٨ م
Goobta Daabacaadda
الرياض
وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ: فَقَدْ كَانَ يُمْكِنُ الْمُسْلِمَ أَنْ يَحُجَّ فِي غَيْرِ وَقْتِ حَجِّ الْمُشْرِكِينَ، أَمَّا قَبْلَ الْفَتْحِ فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ أَحَدٌ لِأُرِيقَ دَمُهُ، وَلَمُنِعَ مِنْ ذَلِكَ وَصُدَّ، وَكَذَلِكَ بَعْدَ الْفَتْحِ؛ لِأَنَّ الْقَوْمَ حَدِيثُو عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ، وَفِي اسْتِعْطَافِهِمْ تَأْلِيفُ قُلُوبِهِمْ، وَتَبْلِيغُ الرِّسَالَةِ فِي الْمَوْسِمِ مَا+ فِيهِ.
وَالَّذِي يُبَيِّنُ ذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدِ اعْتَمَرَ عُمْرَةَ الْحُدَيْبِيَةِ، ثُمَّ عُمْرَةَ الْقَضِيَّةِ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ، ثُمَّ عُمْرَةَ الْجِعْرَانَةِ مِنَ الْعَامِ الَّذِي يَلِيهِ، وَمَعَهُ خَلْقٌ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، فَقَدْ كَانَ يُمْكِنُهُ أَنْ يَحُجَّ بَدَلَ الْعُمْرَةِ، فَإِنَّهُ أَكْمَلُ وَأَفْضَلُ أَنْ يَجْعَلَ بَدَلَ هَذِهِ الْعُمْرَةِ حَجَّةً أَوْ يَأْمُرَ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ بِذَلِكَ، وَلَوْ أَنَّهَا حَجَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ كَمَا أَنَّ الْعُمْرَةَ مُسْتَحَبَّةٌ، فَلَمَّا لَمْ يَفْعَلْ عُلِمَ تَعَذُّرُ الْحَجِّ الَّذِي أَذِنَ اللَّهُ لِاخْتِصَاصِهِ بِوَقْتٍ دُونَ الْعُمْرَةِ.
وَقَدْ ذَكَرُوا أَيْضًا مِنْ جُمْلَةِ أَعْذَارِهِ اخْتِلَاطَ الْمُسْلِمِينَ بِالْمُشْرِكِينَ، وَطَوَافَهُمْ بِالْبَيْتِ عُرَاةً، وَاسْتِلَامَهُمُ الْأَوْثَانَ فِي حَجِّهِمْ، وَإِهْلَالَهُمْ بِالشِّرْكِ حَيْثُ يَقُولُونَ: لَبَّيْكَ لَا شَرِيكَ لَكَ إِلَّا شَرِيكًا هُوَ لَكَ، تَمْلِكُهُ وَمَا مَلَكَ، وَإِفَاضَتَهُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَمِنْ جَمْعٍ بَعْدَ طُلُوعِهَا، وَوُقُوفَ الْحُمْسِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِمُزْدَلِفَةَ، إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ الْحَجُّ مَعَهَا، وَلَمْ يُمْكِنْ تَغْيِيرُهَا بَعْدَ الْفَتْحِ إِلَّا فِي سَنَةِ أَبِي بَكْرٍ - حَجَّ مِنَ الْعَامِ الْمُقْبِلِ لَمَّا زَالَتْ. وَمِنَ الْأَعْذَارِ أَيْضًا اشْتِغَالُهُ بِأَمْرِ الْجِهَادِ، وَغَلَبَةُ الْكُفَّارِ عَلَى أَكْثَرِ الْأَرْضِ،
1 / 228