Sharh Caqida Tahawiyya

Ibn Abi al-Izz d. 792 AH
83

Sharh Caqida Tahawiyya

شرح العقيدة الطحاوية

Baare

أحمد شاكر

Daabacaha

وزارة الشؤون الإسلامية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٨ هـ

Goobta Daabacaadda

والأوقاف والدعوة والإرشاد

الْمُؤَثِّرِينَ مُحَالٌ مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ مُؤَثِّرُونَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمُ اسْتَفَادَ تَأْثِيرَهُ مِمَّا قَبْلَهُ لَا إِلَى غَايَةٍ. وَالتَّسَلْسُلُ الْوَاجِبُ: مَا دَلَّ عَلَيْهِ الْعَقْلُ وَالشَّرْعُ، مِنْ دَوَامِ أَفْعَالِ الرَّبِّ - تَعَالَى - فِي الْأَبَدِ، وَأَنَّهُ كُلَّمَا انْقَضَى لِأَهْلِ الْجَنَّةِ نَعِيمٌ أَحْدَثَ لَهُمْ نَعِيمًا آخَرَ لَا نَفَادَ لَهُ، وَكَذَلِكَ التَّسَلْسُلُ فِي أَفْعَالِهِ سُبْحَانَهُ مِنْ طَرَفِ الْأَزَلِ، وَأَنَّ كُلَّ فِعْلٍ مَسْبُوقٌ بِفِعْلٍ آخَرَ، فَهَذَا وَاجِبٌ فِي كَلَامِهِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَزَلْ مُتَكَلِّمًا إِذَا شَاءَ، وَلَمْ تَحْدُثْ لَهُ صِفَةُ الْكَلَامِ فِي وَقْتٍ، وَهَكَذَا أَفْعَالُهُ الَّتِي هِيَ مِنْ لَوَازِمِ حَيَاتِهِ، فَإِنَّ كُلَّ حَيٍّ فَعَّالٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ: الْفِعْلُ، وَلِهَذَا قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ: الْحَيُّ الْفَعَّالُ، وَقَالَ عُثْمَانُ بْنُ سَعِيدٍ: كُلُّ حَيٍّ فَعَّالٌ، وَلَمْ يَكُنْ رَبُّنَا - تَعَالَى - قَطُّ فِي وَقْتٍ مِنَ الْأَوْقَاتِ مُعَطَّلًا عَنْ كَمَالِهِ، مِنَ الْكَلَامِ وَالْإِرَادَةِ وَالْفِعْلِ. وَأَمَّا التَّسَلْسُلُ الْمُمْكِنُ: فَالتَّسَلْسُلُ فِي مَفْعُولَاتِهِ مِنْ هَذَا الطَّرَفِ، كَمَا تَتَسَلْسَلُ فِي طَرَفِ الْأَبَدِ، فَإِنَّهُ إِذَا لَمْ يَزَلْ حَيًّا قَادِرًا مُرِيدًا مُتَكَلِّمًا، وَذَلِكَ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ فَالْفِعْلُ مُمْكِنٌ لَهُ بِمُوجِبِ هَذِهِ الصِّفَاتِ لَهُ، وَأَنْ يَفْعَلَ أَكْمَلُ مِنْ أَنْ لَا يَفْعَلَ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَمْ يَزَلِ الْخَلْقُ مَعَهُ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ تَقَدُّمًا لَا أَوَّلَ لَهُ، فَلِكُلِّ مَخْلُوقٍ أَوَّلُ، وَالْخَالِقُ - سُبْحَانَهُ - لَا أَوَّلَ لَهُ، فَهُوَ وَحْدَهُ الْخَالِقُ، وَكُلُّ مَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ كَائِنٌ بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ. قَالُوا: وَكُلُّ قَوْلٍ سِوَى هَذَا فَصَرِيحُ الْعَقْلِ يَرُدُّهُ وَيَقْضِي بِبُطْلَانِهِ، وَكُلُّ مَنِ اعْتَرَفَ بِأَنَّ الرَّبَّ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ قَادِرًا عَلَى الْفِعْلِ لَزِمَهُ أَحَدُ أَمْرَيْنِ، لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُمَا: إِمَّا أَنْ يَقُولَ بِأَنَّ الْفِعْلَ لَمْ يَزَلْ مُمْكِنًا، وَإِمَّا أَنْ يَقُولَ لَمْ يَزَلْ وَاقِعًا، وَإِلَّا تَنَاقَضَ تَنَاقُضًا بَيِّنًا، حَيْثُ زَعَمَ أَنَّ الرَّبَّ تَعَالَى لَمْ يَزَلْ قَادِرًا عَلَى الْفِعْلِ، وَالْفِعْلُ مُحَالٌ مُمْتَنِعٌ لِذَاتِهِ، لَوْ أَرَادَهُ لَمْ يُمْكِنْ وُجُودُهُ، بَلْ فَرْضُ إِرَادَتِهِ عِنْدَهُ مُحَالٌ وَهُوَ مَقْدُورٌ لَهُ. وَهَذَا قَوْلٌ يَنْقُضُ بَعْضُهُ بَعْضًا. وَالْمَقْصُودُ: أَنَّ الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الشَّرْعُ وَالْعَقْلُ، أَنَّ كُلَّ مَا سِوَى اللَّهِ تَعَالَى

1 / 86