Sharh Caqida Tahawiyya
شرح العقيدة الطحاوية
Baare
أحمد شاكر
Daabacaha
وزارة الشؤون الإسلامية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٨ هـ
Goobta Daabacaadda
والأوقاف والدعوة والإرشاد
Noocyada
Caqiidada iyo Mad-habada
وَكَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ يَزْعُمُونَ أَنَّ دَلِيلَ التَّمَانُعِ هُوَ مَعْنَى قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا﴾ (١)؛ لِاعْتِقَادِهِمْ أَنَّ تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ الَّذِي قَرَّرُوهُ هُوَ تَوْحِيدُ الْإِلَهِيَّةِ الَّذِي بَيَّنَهُ الْقُرْآنُ، وَدَعَتْ إِلَيْهِ الرُّسُلُ ﵈، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ، بَلِ التَّوْحِيدُ الَّذِي دَعَتْ إِلَيْهِ الرُّسُلُ، وَنَزَلَتْ بِهِ الْكُتُبُ، هُوَ تَوْحِيدُ الْإِلَهِيَّةِ الْمُتَضَمِّنُ تَوْحِيدَ الرُّبُوبِيَّةِ، وَهُوَ عِبَادَةُ اللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، فَإِنَّ الْمُشْرِكِينَ مِنَ الْعَرَبِ كَانُوا يُقِرُّونَ بِتَوْحِيدِ الرُّبُوبِيَّةِ، وَأَنَّ خَالِقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاحِدٌ، كَمَا أَخْبَرَ تَعَالَى عَنْهُمْ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ﴾ (٢). ﴿قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ ﴿سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ (٣).
وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ فِي الْقُرْآنِ، وَلَمْ يَكُونُوا يَعْتَقِدُونَ فِي الْأَصْنَامِ أَنَّهَا مُشَارِكَةٌ لِلَّهِ فِي خَلْقِ الْعَالَمِ، بَلْ كَانَ حَالُهُمْ فِيهَا كَحَالِ أَمْثَالِهِمْ مِنْ مُشْرِكِي الْأُمَمِ مِنَ الْهِنْدِ وَالتُّرْكِ وَالْبَرْبَرِ وَغَيْرِهِمْ، تَارَةً يَعْتَقِدُونَ أَنَّ هَذِهِ تَمَاثِيلُ قَوْمٍ صَالِحِينَ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ وَالصَّالِحِينَ، وَيَتَّخِذُونَهُمْ شُفَعَاءَ، وَيَتَوَسَّلُونَ بِهِمْ إِلَى اللَّهِ، وَهَذَا كَانَ أَصْلَ شِرْكِ الْعَرَبِ، قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ قَوْمِ نُوحٍ: ﴿وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ (٤). وَقَدْ ثَبَتَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ، وَكُتُبِ التَّفْسِيرِ، وَقَصَصِ الْأَنْبِيَاءِ وَغَيْرِهَا، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ﵄، وَغَيْرِهِ مِنَ السَّلَفِ، أَنَّ هَذِهِ أَسْمَاءُ قَوْمٍ صَالِحِينَ فِي قَوْمِ نُوحٍ، فَلَمَّا مَاتُوا عَكَفُوا عَلَى قُبُورِهِمْ، ثُمَّ صَوَّرُوا تَمَاثِيلَهُمْ، ثُمَّ طَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَعَبَدُوهُمْ، وَأَنَّ هَذِهِ الْأَصْنَامَ بِعَيْنِهَا صَارَتْ إِلَى قَبَائِلِ الْعَرَبِ، ذَكَرَهَا ابْنُ عَبَّاسٍ ﵄
_________
(١) سورة الْأَنْبِيَاءِ آية: ٢٢.
(٢) سورة لُقْمَانَ آية: ٢٥.
(٣) سورة الْمُؤْمِنُونَ الآيتان: ٨٤ - ٨٥.
(٤) سورة نُوح آية: ٢٣.
1 / 31