Sharh Caqida Tahawiyya
شرح العقيدة الطحاوية
Tifaftire
أحمد شاكر
Daabacaha
وزارة الشؤون الإسلامية
Daabacaad
الأولى
Sanadka Daabacaadda
١٤١٨ هـ
Goobta Daabacaadda
والأوقاف والدعوة والإرشاد
Noocyada
Caqiidada iyo Mad-habada
وَمَنْ تَأَوَّلَ"فَوْقَ"، بِأَنَّهُ خَيْرٌ مِنْ عِبَادِهِ وَأَفْضَلُ مِنْهُمْ، وَأَنَّهُ خَيْرٌ مِنَ الْعَرْشِ وَأَفْضَلُ مِنْهُ، كَمَا يُقَالُ: الْأَمِيرُ فَوْقَ الْوَزِيرِ، وَالدِّينَارُ فَوْقَ الدِّرْهَمِ -: فَذَلِكَ مِمَّا تَنْفِرُ عَنْهُ الْعُقُولُ السَّلِيمَةُ، وَتَشْمَئِزُّ مِنْهُ الْقُلُوبُ الصَّحِيحَةُ! فَإِنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ ابْتِدَاءً: اللَّهُ خَيْرٌ مِنْ عِبَادِهِ، وَخَيْرٌ مِنْ عَرْشِهِ - مِنْ جِنْسِ قَوْلِهِ: الثَّلْجُ بَارِدٌ، وَالنَّارُ حَارَّةٌ، وَالشَّمْسُ أَضْوَأُ مِنَ السِّرَاجِ، وَالسَّمَاءُ أَعْلَى مِنْ سَقْفِ الدَّارِ، وَالْجَبَلُ أَثْقَلُ مِنَ الحصى، ورسول الله أفضل من اليهود، وَالسَّمَاءُ فَوْقَ الْأَرْضِ!! وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ تَمْجِيدٌ وَلَا تَعْظِيمٌ وَلَا مَدْحٌ، بَلْ هُوَ مِنْ أَرْذَلِ الْكَلَامِ وَأَسْمَجِهِ وَأَهْجَنِهِ! فَكَيْفَ يَلِيقُ بِكَلَامِ اللَّهِ، الَّذِي لَوِ اجْتَمَعَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِهِ لَمَا أَتَوْا بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا؟! بَلْ فِي ذَلِكَ تَنَقُّصٌ، كَمَا قِيلَ فِي الْمَثَلِ السَّائِرِ:
أَلَمْ تَرَ أَنَّ السَّيْفَ يَنْقُصُ قَدْرُهُ ... إِذَا قِيلَ إِنَّ السَّيْفَ أَمْضَى مِنَ الْعَصَا
وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ: الْجَوْهَرُ فَوْقَ قِشْرِ الْبَصَلِ وَقِشْرِ السَّمَكِ! لَضَحِكَ مِنْهُ الْعُقَلَاءُ، لِلتَّفَاوُتِ الَّذِي بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ التَّفَاوُتَ الَّذِي بَيْنَ الْخَالِقِ وَالْمَخْلُوقِ أَعْظَمُ وَأَعْظَمُ. بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ الْمَقَامُ يَقْتَضِي ذَلِكَ، بِأَنْ كَانَ احْتِجَاجًا عَلَى مُبْطِلٍ، كَمَا فِي قَوْلِ يُوسُفَ الصِّدِّيقِ ﵇: ﴿أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ﴾ (١)، وقوله تعالى: ﴿آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ (٢)، ﴿وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى﴾ (٣).
وَإِنَّمَا يَثْبُتُ هَذَا الْمَعْنَى مِنَ الْفَوْقِيَّةِ فِي ضِمْنِ ثُبُوتِ"الْفَوْقِيَّةِ"الْمُطْلِقَةِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، فَلَهُ ﷾ فَوْقِيَّةُ الْقَهْرِ، وَفَوْقِيَّةُ الْقَدْرِ، وَفَوْقِيَّةُ الذَّاتِ. وَمَنْ أَثْبَتَ الْبَعْضَ وَنَفَى الْبَعْضَ فَقَدْ تَنَقَّصَ. وَعُلُوُّهُ تَعَالَى مُطْلَقٌ مِنْ كُلِّ الوجوه.
(١) سورة يوسف: ٣٩.
(٢) سورة النمل: ٥٩.
(٣) سورة طه آية ٧٣.
1 / 268