207

Sharh Caqida Tahawiyya

شرح العقيدة الطحاوية

Tifaftire

أحمد شاكر

Daabacaha

وزارة الشؤون الإسلامية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٨ هـ

Goobta Daabacaadda

والأوقاف والدعوة والإرشاد

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ أَقْسَمَ بِغَيْرِ اللَّهِ. وَالثَّانِي: اعْتِقَادُهُ أَنَّ لِأَحَدٍ عَلَى اللَّهِ حَقًّا. وَلَا يَجُوزُ الْحَلِفُ بِغَيْرِ اللَّهِ، وَلَيْسَ لِأَحَدٍ عَلَى اللَّهِ حَقٌّ إِلَّا مَا أَحَقَّهُ عَلَى نَفْسِهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ (١). وَكَذَلِكَ مَا ثَبَتَ فِي «الصَّحِيحَيْنِ» مِنْ قَوْلِهِ ﷺ لِمُعَاذٍ ﵁، وَهُوَ رَدِيفُهُ: يَا مُعَاذُ، «أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى عِبَادِهِ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: حَقُّهُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَعْبُدُوهُ وَلَا يُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، أَتَدْرِي مَا حَقُّ الْعِبَادِ عَلَى اللَّهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: حَقُّهُمْ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ». فَهَذَا حَقٌّ وَجَبَ بِكَلِمَاتِهِ التَّامَّةِ وَوَعْدِهِ الصَّادِقِ، لَا أَنَّ الْعَبْدَ نَفْسَهُ مُسْتَحِقٌّ عَلَى اللَّهِ شَيْئًا كَمَا يَكُونُ لِلْمَخْلُوقِ عَلَى الْمَخْلُوقِ، فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُنْعِمُ عَلَى الْعِبَادِ بِكُلِّ خَيْرٍ، وَحَقُّهُمُ الْوَاجِبُ بِوَعْدِهِ هُوَ أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ، وَتَرْكُ تَعْذِيبِهِمْ مَعْنًى لَا يَصْلُحُ أَنْ يُقْسَمَ بِهِ، وَلَا أَنْ يُسْأَلَ بِسَبَبِهِ وَيُتَوَسَّلَ بِهِ، لِأَنَّ السَّبَبَ هُوَ مَا نَصَبَهُ اللَّهُ سَبَبًا. وَكَذَلِكَ الْحَدِيثُ الَّذِي فِي الْمُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، فِي قَوْلِ الْمَاشِي إِلَى الصَّلَاةِ: «أَسْأَلُكَ بِحَقِّ مَمْشَايَ هَذَا، وَبِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ»، فَهَذَا حَقُّ السَّائِلِينَ، هُوَ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ، فَهُوَ الَّذِي أَحَقَّ لِلسَّائِلِينَ أَنْ يُجِيبَهُمْ، وَلِلْعَابِدِينَ أَنْ يُثِيبَهُمْ، وَلَقَدْ أَحْسَنَ الْقَائِلُ:
مَا لِلْعِبَادِ عَلَيْهِ حَقٌّ وَاجِبٌ ... كَلَّا وَلَا سَعْيٌ لَدَيْهِ ضَائِعُ
إِنْ عُذِّبُوا فَبِعَدْلِهِ، أَوْ نُعِّمُوا ... فَبِفَضْلِهِ وَهُوَ الْكَرِيمُ الوَاسِعُ
فَإِنْ قِيلَ: فَأَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ قَوْلِ الدَّاعِي: «بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ» وَبَيْنَ قَوْلِهِ: «بِحَقِّ نَبِيِّكَ» أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: بِحَقِّ السَّائِلِينَ عَلَيْكَ أَنَّكَ وَعَدْتَ السَّائِلِينَ بِالْإِجَابَةِ، وَأَنَا مِنْ جُمْلَةِ السَّائِلِينَ، فَأَجِبْ دُعَائِي، بِخِلَافِ قَوْلِهِ: بِحَقِّ فُلَانٍ - فَإِنَّ فُلَانًا وَإِنْ كَانَ لَهُ حَقٌّ عَلَى اللَّهِ بِوَعْدِهِ

(١) سورة الروم أية ٤٧.

1 / 210