161

Sharh Caqida Tahawiyya

شرح العقيدة الطحاوية

Baare

أحمد شاكر

Daabacaha

وزارة الشؤون الإسلامية

Lambarka Daabacaadda

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤١٨ هـ

Goobta Daabacaadda

والأوقاف والدعوة والإرشاد

وَقَوْلُهُ: "بِغَيْرِ إِحَاطَةٍ وَلَا كَيْفِيَّةٍ" هَذَا لِكَمَالِ عَظَمَتِهِ وَبَهَائِهِ ﷾، لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَلَا تُحِيطُ بِهِ، كَمَا يُعْلَمُ وَلَا يُحَاطُ بِهِ عِلْمًا. قَالَ تَعَالَى: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ﴾ (١). وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا﴾ (٢). وَقَوْلُهُ: "وَتَفْسِيرُهُ عَلَى مَا أَرَادَ اللَّهُ وَعَلِمَهُ"إِلَى أَنْ قَالَ: "لَا نَدْخُلُ فِي ذَلِكَ مُتَأَوِّلِينَ بِآرَائِنَا وَلَا مُتَوَهِّمِينَ بِأَهْوَائِنَا"أَيْ كَمَا فَعَلَتِ الْمُعْتَزِلَةُ بِنُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِي الرُّؤْيَةِ، وَذَلِكَ تَحْرِيفٌ لِكَلَامِ اللَّهِ وَكَلَامِ رَسُولِهِ عَنْ مَوَاضِعِهِ. فَالتَّأْوِيلُ الصَّحِيحُ هُوَ الَّذِي يُوَافِقُ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ، وَالْفَاسِدُ الْمُخَالِفُ لَهُ. فَكُلُّ تَأْوِيلٍ لَمْ يَدُلَّ عَلَيْهِ دَلِيلٌ مِنَ السِّيَاقِ، وَلَا مَعَهُ قَرِينَةٌ تَقْتَضِيهِ، فَإِنَّ هَذَا لَا يَقْصِدُهُ الْمُبَيِّنُ الْهَادِي بِكَلَامِهِ، إِذْ لَوْ قَصَدَهُ لَحَفَّ بِالْكَلَامِ قَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى الْمُخَالِفِ لِظَاهِرِهِ، حَتَّى لَا يُوقِعَ السَّامِعَ فِي اللَّبْسِ وَالْخَطَأِ، فَإِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ كَلَامَهُ بَيَانًا وَهُدًى، فَإِذَا أَرَادَ بِهِ خِلَافَ ظَاهِرِهِ، وَلَمْ يَحُفَّ بِهِ قَرَائِنَ تَدُلُّ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي يَتَبَادَرُ غَيْرُهُ إِلَى فَهْمِ كُلِّ أَحَدٍ، لَمْ يَكُنْ بَيَانًا وَلَا هُدًى. فَالتَّأْوِيلُ إِخْبَارٌ بِمُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ لَا إِنْشَاءٌ. وَفِي هَذَا الْمَوْضِعِ يَغْلَطُ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَإِنَّ الْمَقْصُودَ فَهْمُ مُرَادِ الْمُتَكَلِّمِ بِكَلَامِهِ، فَإِذَا قِيلَ: مَعْنَى اللَّفْظِ كَذَا وَكَذَا، كَانَ إِخْبَارًا بِالَّذِي عَنَاهُ الْمُتَكَلِّمُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْخَبَرُ مُطَابِقًا كَانَ كَذِبًا عَلَى الْمُتَكَلِّمِ. وَيُعْرَفُ مُرَادُ الْمُتَكَلِّمِ بِطُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ: مِنْهَا: أَنْ يُصَرِّحَ بِإِرَادَةِ ذَلِكَ الْمَعْنَى. وَمِنْهَا: أَنْ يَسْتَعْمِلَ اللَّفْظَ الَّذِي لَهُ مَعْنًى ظَاهِرٌ بِالْوَضْعِ، وَلَا يُبَيِّنُ بِقَرِينَةٍ تَصْحَبُ الْكَلَامَ أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ ذَلِكَ الْمَعْنَى، فَكَيْفَ إِذَا حُفَّ بِكَلَامِهِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ إِنَّمَا أَرَادَ حَقِيقَتَهُ وَمَا وُضِعَ لَهُ، كَقَوْلِهِ: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ (٣). و«إِنَّكُمْ تَرَوْنَ رَبَّكُمْ عِيَانًا كَمَا

(١) سورة الْأَنْعَامِ آية ١٠٣. (٢) سورة طه آية ١١٠. (٣) سورة النِّسَاءِ آية ١٦٤.

1 / 164