وبرع واشتغل، وصنف التصانيف، وانتهت إليه الإمامة في الفقه ...».
من أهم مصنفاته «المنتقى من أحاديث الأحكام» الذي شرحه الشوكاني في كتابه «نيل الأوطار» ومن مؤلفاته «الأحكام الكبرى» في عدة مجلدات «١».
أما والده شهاب الدين عبد الحليم بن عبد السلام فقد سمع من والده مجد الدين أبي البركات، ورحل في صغره إلى حلب وسمع هناك من عدد من المشايخ، قال عنه الذهبي: «قرأ المذهب حتى أتقنه على والده، وأفتى وصنف، وصار شيخ البلد بعد أبيه وخطيبه وحاكمه، وكان إماما محققا لما ينقله، كثير الفوائد، جيد المشاركة في العلوم، له يد طولى في الفرائض ...» وقال عنه البرزاني: «كان من أعيان الحنابلة، عنده فضائل وفنون، وباشر بدمشق مشيخة دار الحديث السكرية بالقضاعيين وبها كان يسكن، وكان له كرسي بالجامع يتكلم عليه أيام الجمع من حفظه» اه «٢».
وممن اشتهر بالعلم والعبادة والزهد من هذه الأسرة إخوة الشيخ وهم ثلاثة:
أخوه: شرف الدين عبد الله «٣». وزين الدين عبد الرحمن «٤» وأخوه لأمه:
بدر الدين محمد «٥».
أما والدة الشيخ فهي: ست النعم بنت عبد الرحمن بن علي بن عبدوس الحرانية «٦».
فمن هذا البيت المبارك، والأسرة الصالحة خرج شيخ الإسلام فنشأ وتربى في حجر والده، وبدأ في طلب العلم مبكرا، وكانت علامات النجابة والفطنة تظهر عليه منذ حداثة سنه، ونعومة أظفاره، وكان مفرط الذكاء، «ذكر ابن عبد الهادي أن أحد علماء حلب قدم من دمشق وقال: سمعت في البلاد بصبي يقال له: أحمد بن تيمية، وأنه سريع الحفظ، وقد جئت قاصدا لعلي أراه. فقال له خياط: هذه طريق كتّابه، وهو إلى الآن ما جاء، فاقعد عندنا، الساعة يجيء يعبر علينا ذاهبا إلى الكتّاب. فجلس الشيخ الحلبي قليلا، فمر صبيان، فقال الخياط للحلبي: فذاك
_________
(١) انظر: السير (٢٣/ ٢٩١)، البداية والنهاية (١٣/ ١٨٥)، ذيل طبقات الحنابلة (٤/ ٢٤٩)، شذرات الذهب (٥/ ٢٥٧).
(٢) انظر: العبر للذهبي (٣/ ٣٤٩)، ذيل طبقات الحنابلة (٤/ ٣١٠).
(٣) انظر: ذيل طبقات الحنابلة (٤/ ٣٨٢)، شذرات الذهب (٦/ ٧٦).
(٤) انظر: البداية والنهاية (١٤/ ٢٢٠)، شذرات الذهب (٦/ ١٥٢).
(٥) انظر: ذيل طبقات الحنابلة (٤/ ٣٧٠)، شذرات الذهب (٦/ ٤٥).
(٦) انظر: البداية والنهاية (١٤/ ٧٩).
1 / 8