170

Sharaxa Caqida Isfahaniyya

شرح العقيدة الأصفهانية

Tifaftire

محمد بن رياض الأحمد

Daabacaha

المكتبة العصرية

Daabacaad

الأولى

Sanadka Daabacaadda

١٤٢٥هـ

Goobta Daabacaadda

بيروت

وإذا كان هذا حال أفضل المحدثين المخاطبين فكيف حال سائرهم، ولا ريب أن الرجل كلما عظمت ولايته وعظم نصيبه من انكشاف الحقائق له كان تعظيمه للنبوة أعظم، والناس في هذه الطريق متفاوتون بحسب درجاتهم لكن طريق الصوفية لا ينهض بانكشاف جميع ما جاء به الرسول ﷺ بل ولا بأكثره، بل عامة ما يخبر به الرسول ﷺ لا يمكن أبو بكر وعمر فضلا عن غيرهما أن يعلمه بدون خبره، وإن كان عند المخبرين علم بجمل ذلك أو أصله لكن ما يخبر به من التفصيل لا يعلم بدون خبره أصلا، وما يوجد في كلام أبي حامد وغيره من أن الكشف يحصل ذلك، وقول القائل أن الأولياء شاهدوا الحق في جميع ما ورد به الشرع ليس بسديد، بل لا يزال الأولياء مع الأنبياء في إيمان بالغيب ولا يتصور أن الولي يعطى ما أعطيه النبيّ من المشاهدة والمخالطة.
وأفضل الأولياء أبو بكر وعمر وعثمان وعلي ونحوهم، وليس في هؤلاء من شاهد ما شاهده النبيّ ﷺ ليلة المعراج ولا شاهد الملائكة الذين كانوا ينزلون بالوحي على النبيّ ﷺ ولا سمع أحد منهم كلام الله الذي كلم به نبيه ليلة المعراج ولا سمع عامة الأنبياء فضلا عن الأولياء كلام الله كما سمعه موسى بن عمران ﵇، ولا كلم الله تكليما، لداود وسليمان بل ولا إبراهيم ولا عيسى فضلا عن أن يكون يحصل لأحد من الأولياء، والإيمان بكل ما جاء به الأنبياء واجب فإنهم معصومون ولا يجب الإيمان بكل ما يقوله الولي بل ولا يجوز فإنه ما من أحد من الناس إلا يؤخذ من كلامه ويترك إلا رسول الله ﷺ، ومن سب نبيّا من الأنبياء قتل وكان كافرا مرتدا بخلاف الولي، قال تعالى: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَما أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (١٣٦) «١».
وقال تعالى: آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ «٢» وقال تعالى: وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آياتِهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٥٢) «٣».
فإن قيل ففي قراءة ابن عباس «ولا محدث» قيل: هذه القراءة ليست متواترة

(١) سورة البقرة، الآية: ١٣٦.
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٨٥.
(٣) سورة الحج، الآية: ٥٢.

1 / 174