Sharh Cala Muwatta
شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك
Tifaftire
طه عبد الرءوف سعد
Daabacaha
مكتبة الثقافة الدينية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1424 AH
Goobta Daabacaadda
القاهرة
Noocyada
Culuumta Xadiiska
رَوَى الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَنْ عَمْرِو بْنِ أُمَيَّةَ: " أَنَّهُ «رَأَى النَّبِيَّ ﷺ يَحْتَزُّ كَتِفَ شَاةٍ يَأْكُلُ مِنْهَا فَدُعِيَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَلْقَاهَا وَالسِّكِّينَ وَصَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ» " زَادَ الْبَيْهَقِيُّ: قَالَ الزُّهْرِيُّ: فَذَهَبَتْ تِلْكَ الْقِصَّةُ فِي النَّاسِ ثُمَّ أَخْبَرَ رِجَالٌ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ ﷺ وَنِسَاءٌ مِنْ أَزْوَاجِهِ أَنَّهُ قَالَ: " «تَوَضَّئُوا مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ» "، قَالَ: وَكَانَ الزُّهْرِيُّ يَرَى أَنَّ الْأَمْرَ بِذَلِكَ نَاسِخٌ لِأَحَادِيثِ الْإِبَاحَةِ لِأَنَّ الْإِبَاحَةَ سَابِقَةٌ، وَاعْتُرِضَ عَلَيْهِ بِحَدِيثِ جَابِرٍ قَالَ: «كَانَ آخِرُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ تَرْكَ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ وَغَيْرُهُمَا، لَكِنْ قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ: الْمُرَادُ بِالْأَمْرِ هُنَا الشَّأْنُ وَالْقِصَّةُ لَا مُقَابِلَ النَّهْيِ، وَأَنَّ هَذَا اللَّفْظَ مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثِ جَابِرٍ الْمَشْهُورِ فِي قِصَّةِ الْمَرْأَةِ الَّتِي صَنَعَتْ لِلنَّبِيِّ ﷺ شَاةً فَأَكَلَ مِنْهَا ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ أَكَلَ مِنْهَا وَصَلَّى الْعَصْرَ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذِهِ الْقِصَّةَ وَقَعَتْ قَبْلَ الْأَمْرِ بِالْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ، وَأَنَّ وُضُوءَهُ لِصَلَاةِ الظُّهْرِ كَانَ لِحَدَثٍ لَا لِلْأَكْلِ مِنَ الشَّاةِ.
وَحَكَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ عُثْمَانَ الدَّارِمِيِّ أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا اخْتَلَفَتْ أَحَادِيثُ الْبَابِ وَلَمْ يَتَبَيَّنِ الرَّاجِحُ مِنْهَا نَظَرْنَا إِلَى مَا عَمِلَ بِهِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ بَعْدَ النَّبِيِّ ﷺ فَرَجَّحْنَا بِهِ أَحَدَ الْجَانِبَيْنِ، وَبِهَذَا يَظْهَرُ حِكْمَةُ ذِكْرِ الْإِمَامِ لِفِعْلِ الْخُلَفَاءِ الْأَرْبَعَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الصَّحَابَةِ بَعْدَ تَصْدِيرِهِ بِحَدِيثَيِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَسُوَيْدٍ فِي أَنَّ الْمُصْطَفَى أَكَلَ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَلَمْ يَتَوَضَّأْ، وَجَمَعَ الْخَطَّابِيُّ بِوَجْهٍ آخَرَ وَهُوَ أَنَّ أَحَادِيثَ الْأَمْرِ مَحْمُولَةٌ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ لَا عَلَى الْوُجُوبِ.
وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دُعِيَ لِطَعَامٍ فَقُرِّبَ إِلَيْهِ خُبْزٌ وَلَحْمٌ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَصَلَّى ثُمَّ أُتِيَ بِفَضْلِ ذَلِكَ الطَّعَامِ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ صَلَّى وَلَمْ يَتَوَضَّأْ»
ــ
٥٧ - ٥٥ - (مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ) وَصَلَهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَالتِّرْمِذِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ، كِلَاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُنْكَدِرِ عَنْ جَابِرٍ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ دُعِيَ لِطَعَامٍ) أَيْ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ كَمَا فِي الطَّرِيقِ الْمَوْصُولَةِ (فَقُرِّبَ إِلَيْهِ لَحْمٌ) مِنْ شَاةٍ ذَبَحَتْهَا لَهُ الْأَنْصَارِيَّةُ (وَخُبْزٌ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ تَوَضَّأَ) لِلْأَكْلِ مِنَ الشَّاةِ أَوْ لِأَنَّهُ كَانَ مُحْدِثًا، فَلَا دَلَالَةَ فِيهِ عَلَى وُجُوبِ الْوُضُوءِ مِمَّا مَسَّتِ النَّارُ وَلَا عَلَى نَدْبِهِ.
(وَصَلَّى) الظُّهْرَ (ثُمَّ أَتَى بِفَضْلِ) أَيْ بَاقِي (ذَلِكَ الطَّعَامِ فَأَكَلَ مِنْهُ ثُمَّ صَلَّى) الْعَصْرَ (وَلَمْ يَتَوَضَّأْ) وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ بُكَيْرٍ ثُمَّ دُعِيَ بِفَضْلِ ذَلِكَ الطَّعَامِ فَقَالَ: دُعِيَ مَكَانَ أَتَى، فَيُحْتَمَلُ أَنَّ صَاحِبَ الطَّعَامِ سَأَلَهُ ذَلِكَ فَأَجَابَهُ لِإِدْخَالِ السُّرُورِ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ وَقْتَ قِيَامِهِ لِلصَّلَاةِ لَمْ يَنْوِ الرُّجُوعَ لِحَدِيثِ: " «إِذَا حَضَرَ الطَّعَامُ فَابْدَءُوا بِهِ قَبْلَ الصَّلَاةِ» " أَيْ لِئَلَّا يَشْتَغِلَ بِهِ عَنِ الْإِقْبَالِ إِلَيْهَا وَإِنْ كَانَ ﷺ لَيْسَ كَغَيْرِهِ لَكِنَّهُ مُشَرِّعٌ، وَفِيهِ أَنَّهُ أَكَلَ اللَّحْمَ فِي يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ وَلَا يَلْزَمُ أَنَّهُ شَبِعَ مِنْهُ،
1 / 145