Sharh Cala Mawahib
شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية
Daabacaha
دار الكتب العلمية
Lambarka Daabacaadda
الأولى
Sanadka Daabacaadda
1417 AH
Goobta Daabacaadda
بيروت
Noocyada
"وقد كانت هذه القصة دالة على شرف سيدنا محمد ﷺ وتأسيسًا لنبوته وإرهاصًا لها" هما متساويان، والمراد: أنها توطئة وتقوية لنبوته، "وإعزازًا لقومه" أي: تقوية لهم بعد الذل بما أصابهم من أبرهة واستعمال العز فيمن لم يسبق له ذل مجاز؛ كقوله: ﴿إِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا﴾ [يونس: ٦٥]، "بما ظهر عليهم من الاعتناء" أي: اعتناء الناس "حتى دانت" أي: خضعت وذلك "لهم العرب واعتقدت شرفهم وفضلهم على سائر الناس" بقيتهم، "بحماية الله لهم ودفعه عنهم" عطف تفسير، فالحماية الدفع فقالت العرب، كما في ابن إسحاق: أهل الله قاتل عنهم وكفاهم مؤنة عدوهم، وقالوا في ذلك أشعارًا كثيرة. "مكر أبرهة" أي: إرادته السوء بهم سماه مكرًا مع أنه الاحتيال من حيث لا يعلم الممكور به، وأبرهة جاء مجاهرًا لحربهم نظرًا لعزمه على تخريب الكعبة وهم لا يشعرون، "الذي لم يكن للعرب جميعًا" وفي نسخة لسائر العرب، وهي أيضًا بمعنى الجميع عند الجوهري في جماعة، وإن خطّئوه فيها؛ لأنها لغة قليلة حكاها القاموس وغيره، وقد مر بسطه في الديباجة. "بقتاله" أي: عليه متعلق بقوله: "قدرته" قدم عليه لأنه ظرف، "وكان ذلك كله إرهاصًا لنبوته ﵊" وهو فائدة ذكر القصة هنا، لا لتعظيم ما كانت عليه قريش، فإن أصحاب الفيل كانوا نصارى أهل كتاب، وكان دينهم حينئذ أقرب حالا مما كان عليه أهل مكة؛ لأنهم كانوا عباد أوثان فنصرهم الله نصرًا لا صنع لبشر فيه، فكأنه يقول: لم أنصركم لخير بكم ولكن صيانة للبيت العتيق الذي سيشرفه خير الأنبياء ﷺ. "قال" الإمام العلامة فخر الدين محمد بن عمر بن الحسين البكري الطبرستاني الأصل "الرازي" المولد المعروف بابن الخطيب، فاق أهل زمانه في علم الكلام والأوائل، وتوفي سنة ست وستمائة بمدينة هراة، "ومذهبنا أنه يجوز تقديم المعجزات على زمان البعثة تأسيسًا" تقوية لها، قال: "ولذلك قالوا: كانت الغمامة تظله ﵊، يعني قبل بعثته" وأنت خبير
1 / 167