258

فثبت ان الشرور بالذات اعدام والآلام وإن كانت مؤذية فليست بشرور بل خيرات لكونها وجودية وما ذكره المحقق الدواني ان هناك شرين أحدهما تفرق الاتصال والاخر الألم ولا ينكره عاقل مثل ان يقال فقد الثمار بالبرد شر والبرد شر اخر ولا ينكره عاقل ان البرد المؤذي المفسد شر وكما أن هذا القول باطل إذ العاقل يقطع بان الشر انما هو فقد الثمار واما البرد وهو كيفية موجودة أو الحر فليس بشر بالذات وان أجمد ذاك أو أحرق هذا سعيدا فكذا القطع بان الألم شر باطل نعم يكرهه المتألم وليس كلما يكرهه أحد يجب ان يكون شرا إذ يكره الانسان وجود الحية مثلا بل وجود الظالم من بنى نوعه بل كثيرا من الأشياء كما قال تعالى ولو اتبع الحق أهوائهم لفسدت السماوات والأرض وليست هي بما هي وجودات بشرور ففرق بين كون الوجع مكروها للانسان وبين كونه شرا في نفسه فالمغالطة في كلام المحقق من هذا الباب وهو اشتباه ما بالعرض بما بالذات ثم إن فيها من الخيرات الإضافية ما لا تعد ولا تحصى فإنها من حيث الإضافة الصدورية إلى القلم الاعلى خيرات حيث إن المعلول ملايم علته ومقتضى ذاتها وكذا من حيث إن السعداء والمتقربين بها يرتقون إلى المقامات العالية من الصبر والرضا والتسليم وغيرها وكذا بهذه الادراكات المؤلمة يحصل الاطلاع على أحوال أهل الابتلاء فيستغيثون ويغاثون وأيضا يعرف قدر مقابلاتها من اللذات مع أن شريتها بالذات مع وجوديتها معارضة بالقياس المنقول عن العلامة الشيرازي وبالتقسيم والتشقيق الذي ذكره أرسطو في دفع شبهة الثنوية يا عالم السر والهمم يا رب البيت والحرم يا من خلق الأشياء من العدم سبحانك الخ في معنى هذا العدم وجوده أحدها وهو الأولى ان يكون المراد منه الوجود المطلق أعني فيض الله المقدس عن التعينات إذ قد علمت أن للوجود ثلث مراتب الوجود الحق والوجود المطلق الذي هو صنعه والوجود الذي هو مصنوعه وهذا المطلق بمنزلة مادة الشئ التي ينسب إليها بكلمة من كما يقال صنع الخاتم من الفضة وهنا أيضا استعمل كلمة من بل هذا الوجود المطلق نفس مادة الشئ والمهية الامكانية صورته عند بعض العرفاء كسعد الدين الحموي رحمه الله وغيره ومعلوم انه ليس مادة مصطلحة عند القوم بل مقصود هم إما تشبيهه في السعة والحيطة الوجودية بالمادة في السعة الابهامية أو عقد اصطلاح خاص ولكل ان يصطلح على ما شاء وبالجملة أصل كل شئ كان ذلك الوجود الاطلاقي الذي هو فيض الله تعالى وصنعه وهو كما يشعر تسميته بالمقدس كان مجردا

Bogga 258