138

Sharh Anfas Ruhaniyya

Noocyada

============================================================

شرح الأنفاس الروحانية منهم، حيث علموا أنه أصاب من القرب إلى الرب ما لم يصيبوه، أو أهلكوه بالانكار على حاله.

قال الشبلي: "إني أنتظر أن أتنفس نفسا لأعلم التجلي فلم أقدر عن بذلك" ثم قول أبى يزيد: "اسبحاني ما أعظم شأني"(1) قالها ولم يعلم ما قال.

(1) تنبيه: يقول الشيخ الشرقاوي اثناء كلامه على المتصوفة وأنواعهم: وفرقة أخرى لم يلتفتوا إلى ما ئفاض عليهم من الأنوار في الطريق، ولا إلى ما تيسره لهم من العطايا الجزيلة، ولم يعرجوا على الفرح يها جادين في المسير، حتى تأربوا فوصلوا إلى حد القربة إلى الله تعالى فظنوا أنهم وصلوا وغلطوا، فإن لله تعالى سبعين حجابا من نور لا يصل السالك إلى واحد من تلك الحجب إلا ظن أته قد وصل، ولا يصل السالك إلى تلك الأنوار والحجب ما لم يخرج عن حجاب نفسه، ويكون هو أيضا ربانتا بل هو نور من أنوار الله تعالى، أعنى بسير القلب والروح فيه يتجلى له حقيقة الحق، حتى إنه ليتسع لجملة العالم ويحيط به ويتجلى فيه صورة الكل، حتى قيل أنه اللوح المحفوظ فإذا انتهى إلى ذلك السالك أشرق نوره إشراقا عظيا: إذ يظهر فيه الوجود كله على ما هو عليه، وقد كان في أول الأمر محجوبا بمشكاة هي كالساتر له كما دل عليه القرآن فإذا تجلى نوره وانكشف جمال القلب بعد إشراق نور الله تعالى ربما التفت صاحب ذلك القلب، ورأى من جماله الفاثق ما يدهشه فربما سبق للسكر والدهشة إلى لسانه فقال: أنا الحق، فإن أخذ الحق بيده ومدته الألطاف الإلهية سار ولم يقف وإلا هلك، وربما التب المتجلي بالمتجلي فيه كما يلتبس لون ما يتراءى في المرآة بالمرآة فيظن أنه لونها، وكما يلتبس ما في الزجاج بالزجاج فيحصل الغرور، وبهذه العين نظرت النصارى للمسيح، لما رأوا إشراق نور الله تعالى قد تلألا منه فغلطوا عند رؤيته كمن نظر كوكبا في مرآة، أو ما فطن أن الكوكب في المرآة أو الماء فيمد يده ليتناوله.

وإلى تلك الحجب النورانية الإشارة لقول الخليل : { فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي: أي نور من آنوار الله وهو أول الحجب؛ إذ هي على الطريق السالك ولا يتصور الوصول إلا بعبورها، وبعضها أصغر وبعضها أكبر بقدر القرب والبعد وأصغر الأنوار السماوية هي الكواكب فيستعار لفظ الكوكب لأول تلك الأنوار؛ لأنه أصغرها وأعظمها الشمس وبينهما القمر، فلم يزل إبراهيم يترقى من نور إلى نور وحجاب بعد حجاب، وكلما أظهر له شيء من الأنوار الإلهية ظن أنه قد وصل، فيقول: هذا ربي فيتكشف له بنور النبوة والتوفيق الإهي أن وراءه أمورا، فكلما انكشف نور ظهر للأول درجة الانحطاط عن ذروة الكمال، واطلع على أن له نهاية فيقول: {لا أحب الآفلين}، ولم يزل كذلك إلى آن تجاوز ما لا ينتهي، فلما انتهى إلى جنات لا نهاية لها وانقطع عمله عما دون ذلك قال: إيي وجهت

Bogga 138