254

Sharh al-Tadmuriyyah - Nasser al-Aql

شرح التدمرية - ناصر العقل

Noocyada

بيان ما يجب لله من حيث الإجمال ثم التفصيل، والفرق بين أفعال الله وصفاته
السؤال
ما الفرق بين الأفعال والصفات الفعلية؟ ثم قبل ذلك ما هي الفروق بين أسماء الله ﷿ وصفاته وأفعاله وبين الأخبار؟
الجواب
ما يتعلق بترتيب ما يجب في حق الله ﷿ من حيث الخصوص ثم العموم، أو من حيث الإجمال ثم التفصيل، أولًا: يجب إثبات ذات الله ﷿ المعبر عنه بإثبات الوجود؛ لأنه لا يتصور عقلًا أن يكون هناك موجود بلا أسماء وصفات على الإطلاق؛ لأنه بمجرد إثبات الوجود لابد من إثبات الذات، ثم الأسماء والصفات، أما الأفعال والأخبار فإنها من مستلزمات ذات الأسماء والصفات من جهة العموم، أما على جهة التفصيل فإن أفعال الله ﷿ لابد من إثباتها تفصيلًا، أي: بمفرداتها، بحسب ما جاء في الكتاب والسنة؛ لأنها أخبار تفصيلية، ومعلوم أن الإثبات على نوعين: إثبات إجمالي يقتضيه العقل والفطرة، وتقتضيه الدلائل والشواهد وهو إثبات وجود الله ﷿، وأيضًا وجود المخلوقات، والفرق بين الموجودين، أو ضرورة إثبات الكمال لله ﷿ للخالق، والإقرار بالنقص للمخلوقات؛ لأنه ما من مخلوق يتصور كماله إلا وكماله محدود ومقيد بالحاجة والفناء والافتقار، والغنى المطلق لا يكون إلا لله ﷿.
وأيضًا مما تقر به العقول والفطر السليمة أنه لا يمكن أن يكون وجود بلا صفات، أو بلا أسماء وصفات.
ثانيًا: التفصيل في هذا كله، إذ التفصيل موقوف على الكتاب والسنة، وعلى خبر الغيب الذي لا يكون إلا بالوحي المعصوم؛ لأنه يستحيل لجميع العقول والقدرات البشرية والفطر أن تدرك الغيب، ويستحيل عليها أيضًا أن تحيط بالكثير مما ورد من التفاصيل في الكتاب والسنة في حق الله ﷿، في ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله.
أما الإجماليات -فكما قلت- فلا يكمل بها دين ولا يستقيم بها أمر، ولا يتحقق بها رضا الله ﷿، ولا يتحقق بها حق الله على ما يرضيه سبحانه، فكان لابد من الشرع، ولابد من الوحي المعصوم الذي يكون به إثبات.
وأما الفرق بين الصفات الفعلية والأفعال لله فهو أنه فيما يتعلق بالله ﷿ لا فرق، وأما فيما يتعلق بالمفهوم العام فقد تكون هناك بعض الفروق، لكن لا يهم هذا هنا؛ لأن الأفعال أحيانًا تكون مختلطة بالأخبار، فلا يلزم منها إثبات الصفات؛ لأنه إذا قلنا: صفات فعلية، فهذا يعني: تقييد الصفات لكونها فعلية، وأيضًا بتقييد الأفعال لكونها صفات؛ لأن الوصف العام قد يكون مما ترد به الأخبار، لكن لا نستطيع أن نثبته كصفات أو يكون فيه الخلاف.
وضربت لهذا بأمثلة مرات عديدة: المكر، أو الاستهزاء بالمنافقين ونحو ذلك، فهذه أخبار جاءت عن الله ﷿، لكن هل يلزم أن نثبت بها صفات فعلية، أو لا يلزم؟ محل خلاف بين العلماء، بينما الأخبار كلها تتضمن أوصافًا عامة، لكن هل تثبت صفات مفردة لله ﷿؟ هذا أمر يحتاج إلى تقعيد وتقييد، وأحسن من قعد له وقيد له: ابن القيم فيما أعلم، وأيضًا الشيخ: محمد بن عثيمين رحمهما الله تعالى.

24 / 7