============================================================
الموقف الأول - المرصد الأول: فيما يجب تقديمه في كل علم صور الدلائل فقط، ودون علم الجدل الذي يتوسل به إلى حفظ أي وضع يراد، إذ ليس فيه اقتدار تمام على ذلك، وإن سلم فلا اختصاص له بإثبات هذه العقائد والمتبادر من هذا الحد: ما له نوع اختصاص به، ودون علم النحو المجامع لعلم الكلام مثلا، إذ ليس يترتب عليه تلك القدرة دائما على جميع التقادير بل لا مدخل له في ذلك الترتب العادي أصلا، الثالث أنه اختار يقتدر على يثبت لأن الإثبات بالفعل غير لازم، واختار المنطق يستفاد منه مناسبة المبادي أيضا، وهي الصحة من حيث المادة لآن اكثر نظر المنطق في حة الصورة: قوله: (إذ ليس فيه اقتدار تام) لأن الاقتدار التام على ذلك الإثبات إنما يحصل بعد حصول العقائد المذكورة عن ادلتها، ودفع الشبهة عنها بالفعل والتمكن من استحضارها متى شاع، وأما علم الجدل والمنطق فإتما يفيد أن التمكن على ذلك الإثبات في الجملة، بمعنى أنه إذا حصل مباديها ورتبها أمكن له ذلك الإثبات.
قوله: (وإن العقائد) إلخ يريد أنه لو قال: يقتدر معه على تحصيل العقائد الدينية بإيراد الحجج، لتوهم منه ان يراد الحجج ولو عقلية، ودفع الشبه كافت في تحصيل العقائد، وليس كذلك بل لا بد من الأخذ من الشرع، فاشار بذكر الإثبات إلى ان ثمرته الإثبات لا التحصيل، لكن لا يخفى أن الإشعار خفي لأن ذكر الإثبات لا يدل على نفي التحصيل حتى يشعر بان تحصل من المنطق، ومادة معينة لا تعرف منه فالحصر المستفاد من قوله: فقط بالنظر إلى المواد الخصوصة، والعقائد معا على ما هو التحقيق، وبهذا تبين ضعف ما استصويه الشارح في حواشي شرح المطالع، من أن الطرق والشرائط المحتاج إليها في استحصال المطالب لو كانت ضرورية لم يقع الغلط لا من جهة الصورة، وهو ظاهر ولا من جهة المادة لأن تلك الطرق والشرائط تراعي جانب المادة رعايتها جانب الصورة، ووجه الضعف أن خصوصيات المواد لا تعلم من المنطق، وإنما المستفاد منه معرفة مناسبة المبادئ المعلومة من علوم أخر بالنسبة إلى كل مطلوب على وجه إجمالي، فمع ضرورية جميع قواعد المنطق يجوز الغلط من جهة المادة قطعا.
قوله: (بل لا مدخل له في ذلك الترتيب العادي اصلا) فلا يدخل في التعريف المجموع المركب من علم الكلام وغيره ايضا، فإن المتبادر منه اعتبار المدخلية قطعا، وأيضا المجموع ليس علما واحدا بل علمين أو علوما جمة، وبهذا يظهر خروج المجموع المركب من علمي الكلام والجدل، وكذا المركب من علمي الكلام والتفسير لا بانتفاء مدخلية علم التفسير في الترتبب العادى المذكون، لأن دخله لا يبعد عن دخل نفس العقائد بل ربما يدعى أن التحو أيضا له مدخل في ذلك الترتيب، لأن بعض العقائد مستفاد من الادلة السمعية، فيكون لعلم النحر مدخل في القدرة على إثبات تلك العقائد المستفادة منها، وإن لم يتوقف كما في أرباب السليقة السستنبطين لتلك العقائد منها.
Bogga 41