============================================================
المرصد الخامس- المقصد الثالث: النظر الصحيح عند الجمهور مفيد له، الشبهة (التاسعة) لو أفاد النظر العلم لكان ذلك النظر واقعا في الدليل، وهو باطل لأنا (إذا) نظرنا و(استدللنا بدليل) كالعالم (على وجود الصانع) مثلا (فموجبه) أي موجب ذلك الدليل الذي نظرنا فيه (إما ثبوت الصانع) في نفس الأمر (أو العلم وكلاهما باطل، أما الأول فلأنه يلزم حينئذ من عدم ذلك الدليل أن لا يثبت الصانع في الواقع) لأن انتفاء الموجب المفيد يستلزم اتتفاء موجبه المستفاد منه وهر ظاهر البطلان، فإنه تعالى يستحيل عليه العدم أوجد العالم أو لم يوجد (وأما الثاني فلأنه يلزم) حينيذ (أن لا يبقى الدليل بتقدير عدم النظر فيه، وإفادته للعلم دليلا) إذ المفروض أن موجبه اللازم له هو العلم، فإذا انتفي اللازم انتفي الملزوم وهو أيضا باطل، لأن الأدلة أدلة في أنفسها سواء نظر فيها، واستفيد العلم منها أم لا (قلنا: إنه) أي الدليل الذي نظر فيه واستدل به (يوجب وجود الصانع أي يستلزمه) من غير أن يكون محصلا له في الواقع (ولا يلزم من نفي الملزوم) الذي لا مدخل له في حصول لازمه (نفي اللازم أو يوجب العلم به أي) هو بحيث (متى علم) ونظر فيه (علم) موجبهما واحدا، وبما حررنا لك اندفع ما توهم من قبح الترديد في الموجب بعد اعتباره في المقدم إفادة النظر في الدليل العلم بالمدلول لأنه إنما يقبح ذلك الترديد في موجب النظر لا في موجب الدليل المنظور فيه، ولأجل هذا زاد الشارح قوله لكان واقعا في الدليل، وما يتوهم من أنه إذا كان موجب النظر العلم بالمدلول، كيف يكون ذلك موجب الدليل أيضا، فإنه يلزم توارد السوجيين على شيء واحد.
(قوله: لأن انتفاه إلخ) قيد اتتفاء الموجب بالمفيد والموجب بالمستفاد، لأن انتفاء الموجب الغير المفيد لا يستلزم انتفاء الموجب الغير المستفاد، كالملزوم بالنسبة إلى اللازم الأعم.
قوله: (فإذا انتفى اللازم إلخ) على تقدير عدم النظر انتفي الملزوم وهو كون الدليل دليلا.
قوله: (قلنا إنه إلخ) أجاب باختيار الشقين ومبناه أن الدليل المنظور فيه، أن لوحظ ذاته مع قطع النظر عن النظر الواقع فيه، فالمختار الشق الأول وإن لوحظ مع النظر فالمختار الشق الثاني.
قوله: (من غير أن يكون محصلا إلخ) فيه إشارة إلى آن الجواب بالترديد بأنكم إن أردتم بالسوجب المحصل، فتختار أن الدليل لا موجب له بهذا المعنى، وإن أردتم المستلزم فتختار الشق الأول، فإن الدليل متى وجد وجد المدلول من غير تخلف عنه، ولا يلزم من نفيه نفي اللازم لمدم مدخليته في حصوله في نف الأمر: قوله: (التاسعة لو افاد إلخ) يمكن أن يقال فيه أيضا: لو صح دليلكم لما أفاد النظر الظن مع ان هذه الإفادة متفق عليها كما مر.
Bogga 240