============================================================
المرصد الرابع - في إثبات العلوم الضرورية اصلا (و) ترى (الواحد كثيرا كالقمر إذا نظرنا إليه مع غمز إحدى العينين)، وذلك لأن النور البصري يمتد من الدماغ في عصبتين مجوفتين تتلاقيان قيل وصولهما إلى العيين، ثم تتباعدان وتتصل كل واحدة منهما بواحدة من العينين، فالعصبتان إذا كانتا مستقيمتين وقعت الخطوط الشعاعية على المرئي من محاذاة واحدة هي ملتقاهما، فيرى واحدا فإذا انحرفتا أو انحرفت إحداهما امتدت تلك الخطوط إلى المرئي من محاذاتين فيرى لذلك اثنين (أو) نظرنا (إلى الماء عند طلوعه) وكونه قريبا من الأفق (فإنا نراه) على التقديرين (قمرين) أما على التقدير الأول فلما مر، وأما على الثاني فلأن الشعاع البصري ينفذ في الهواء إلى قمر السماء، وينعكس من كالمعدومة وليس ذلك إشارة إلى التقارب جدا حتى يرد أن ما بعد التقارب جدا هو الانطياق فيستفاد منه أن انمحاء الأثر بعد انمحاء الزاوية مع أنه ذكر في بحث الرؤية من الإلهيات أن انمحاء الأثر عند ضيق الزاوية غاية التضييق وصيرورتها كالمعدومة.
قوله: (فيرى واحدا) لوقوع الشعاع الخارج من العينين على المريي دفعة واحدة عند الرياضيين ولحصول صورة واحدة في الملتقى عند الطبيميين والأبصار إنما يتم بحصول الصورة فيه بل وفي الحس المشترك لا بمجرد الانطباع في الجليدية، وإلا لرثي الشيء الواحد شيئين، فيرى ذلك اثنين لعدم الشعاع من العينين على المريي دفعة واحدة، بل على التعاقب عند الرياضيين وبحصول الصورة في الموضعين من الملتقى لأ جل المحاذاتين عند الطبيميين (قوله: فلان الشعاع الخ) يعني أن القمر إذا كان قريبا من الأفق يخرج الشعاع البصرى قوله: (وبعد ذلك يمحي أثره فلا يرى أصلا) الظاهر من سياق كلامه هاهنا آن انمحاء الأثر وانتفاء الرؤية بالكلية عند انطباق بعض الخطوط الشعاعية على بعض وانعدام الزاوية بالكلية والمفهوم من كلامه في بحث الرؤية من الإلهيات آن انعدام الرؤية لغاية ضيق الزاوية وكونها كالعدومة: قوله: (تتلاقيان قبل وصولهما إلى العينين ثم تتباعدان) يعني كهيئة الدالين ظهر أحدهما على ظهر الآخر هذا مذهب جالينوس وقيل التلاقي على سبيل التقاطع الصليبي:.
قوله: (من محافاتين الخ) فلا يلتقي مؤداهما في الحس المشترك على موضع واحد، بل موقع أحدهما حيتثذ غير موقع الآخر، فينقلان المرئي إلى موضعين منه فيرى اثنين ، وفيه بحث فإنه إذا كان قدامنا جسمان أحدهما على مسافة خمسة اذرع والثاني على مسافة ذراع مثلا، وكان الثاني بحيث لا يحجب الأول عن بصرنا، فإذا نظرنا إلى الأقرب وجمعنا البصر عليه وقصدنا بالنظر كانا لا ننظر إلى غيره، فإنا نراه في تلك الحالة واحدا ونرى الأبعد اثنين، وإذا عكسنا تنعكس القضية فلو كان سبب رؤية الواحد اثنين ما ذكر لزم في الصورة المذكورة أن يكون تركب العصبتين باقيا بحاله متزايلا معا، وهذا غير معقول ولو بالنسبة إلى شييين
Bogga 138