Sharh Al-Lu'lu' Al-Maknoon fi Ahwal Al-Asanid wa Al-Matoun
شرح اللؤلؤ المكنون في أحوال الأسانيد والمتون
Noocyada
النبي ﵊ فيما عرف من عادته المطردة في خطبه يفتتحها بالحمد، وفي مكاتباته يفتتحها بالبسملة، فهل الكتب والرسائل مشبهة للخطب أو للرسائل؟ القرآن كتاب الله فالكتب تشبهه، والنبي ﵊ في مكاتباته ومراسلاته يبتدئ بالبسملة لا يبتدئ بالحمدلة، وفي خطبه يبتدئ بالحمدلة، وعلى كل حال الجمع بينهما اقتداءً بالقرآن؛ لأن الكاتب إنما يؤلف كتابًا، لكن لو بعث رسالة أو خطاب اقتصر على البسملة، وإذا خطب اقتصر على الحمدلة تنزيلًا للنصوص في منازلها، وإيقاعًا لها في مواضعها.
ورد في حديث أبي هريرة وغيره وله طرق: «كل أمرٍ ذي بال لا يبدأ بحمد الله فهو أبتر» وفي رواية: «ببسم الله» له ألفاظ وطرق كثيرة محكومٌ عليها عند جمعٍ من أهل العلم بالضعف، فلا تقوم بها حجة، وحكم النووي على لفظ: الحمد على وجه الخصوص بالحسن، وقبله ابن الصلاح.
فمن بلغ عنده مرتبة الحسن عمل به، ومن جرى وسار على مذهب جمهور أهل العلم من الاحتجاج بالضعيف في مثل هذا المقام يفتتح به بالبسملة والحمدلة، على كل حال عمدتنا في ذلك القرآن الكريم، وما ثبت عنه ﵊.
"الحمدُ" يعرفه كثيرٌ من أهل العلم بل الأكثر بأنه: هو الثناء على الله ﷿، ابن القيم -رحمه الله تعالى- عرفه في الوابل الصيب بأنه هو الإخبار عن الله ﷿ بصفات كماله مع محبته والرضا به، والثناء عنده هو تكرير المحامد شيئًا بعد شيء، تكرير المحامد هل هو من الثني أو من التثنية؟ فرقٌ بين ثنّى وثنَى، ثنَى لا يقف العدد عند اثنين، ولذا في حديث ماعز لما اعترف ردده حتى ثنَى عليه الأمر، أو حتى اعترف مرارًا، اعترف أكثر من مرتين، أما إذا ثنَّى فهو اثنين فقط.
1 / 9