Sharh al-Jami' al-Sahih
شرح الجامع الصحيح
Noocyada
قوله: «من أشرك ساعة حبط عمله» أي ذهب ثوابه ولم ينتفع به أبدا {وقدمنآ إلىا ما عملوا من عمل فجعلناه هبآء منثورا}[الفرقان:23] والساعة في الحديث عبارة عن أقل زمان يمكن فيه ذلك، وأصل الحبط أن تأكل الإبل شيئا يضرها، فتعظم بطونها فتهلك، وفي الحديث "وإن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطا أو يلم" فسمى بطلان الأعمال بهذا لأنه كفساد الشيء بسبب ورود المفسد عليه، والحديث مطابق لقوله تعالى: {لئن اشركت ليحبطن عملك}[الزمر: 65] ولقوله تعالى:{ ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر، فأولئك حبطت اعمالهم في الدنيا والاخرة}[البقرة:217] حيث أن الجميع مصرح بالإحباط، وقد أنكر قوم من أهل الضلال ثبوت الإحباط بالمعنى الذي أشرنا إليه، وزعموا أن المراد من الإحباط الوارد في كتاب الله هو أن المرتد إذا أتى بالردة فتلك الردة عمل محبط، فإن الآتي بالردة كان يمكنه أن يأتي بدلها بعمل يستحق به ثوابا فإذا لم يأتي ذلك العمل الجيد، وأتى بدله بهذا العمل الرديء الذي لا يستفيد منه نفعا بل ضرا، يقال: إنه أحبط عمله، أي أتى بعمل باطل ليس فيه فائدة، بل فيه مضرة، وهذا كله باطل، أما أولا: فإنه تكلف بلا داع ولا برهان، وأما ثانيا: فإن قوله تعالى:{ فأولئك حبطت اعمالهم في الدنيا والاخرة}[البقرة:217] يدل على أن الحبط غير الارتداد، كما أن المسبب غير السبب، وكما أن العلة غير المعلول، وكذا قوله تعالى:{لئن اشركت ليحبطن عملك}[الزمر: 65]،وكذا حديث الباب وسائر الأحاديث أيضا وكذا قوله تعالى:{لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبيء ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض ان تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون}[الحجرات:2] فإنها دالة على أن العمل المحبط شيء غير الرفع والجهر وكذا قوله تعالى:{لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والاذىا} [البقرة:264]وفي الآيتين أيضا دليل على<1/103 > إحباط العمل بالكبيرة من الذنوب لأن رفع الصوت والجهر به ليس بشرك إجماعا، وكذا المن والأذى، وكذلك قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآتي:"الرياء يحبط العمل كما يحبط الشرك".
Bogga 116