Sharh al-Hamawiyyah by Ibn Taymiyyah - Al-Rajhi
شرح الحموية لابن تيمية - الراجحي
Noocyada
تعليمه ﷺ لأمته كل شيء
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن المحال أيضًا أن يكون النبي ﷺ قد علم أمته كل شيء حتى الخراءة] أي: حتى أحكام الاستنجاء وكيفية إزالة النجاسة، فكيف يعلمهم ذلك، ولا يعلمهم باب أصل الدين، وباب الأسماء والصفات، وهذا فيه رد على أهل البدع الذين يتأولون بعقولهم وينفون الصفات، ويقولون: إن هذا متروك للعقول: وهذا محال؛ لأن الرسول قد علم أمته كل شيء حتى أحكام الاستنجاء حتى الخراءة، قال بعضهم لـ سلمان: علمكم نبيكم كل شيء، قال: نعم، علمنا نبينا كل شيء حتى أحكام الاستنجاء، والوضوء.
فلا يمكن أن يعلمهم أحكام الاستنجاء، وأحكام غسل النجاسة، ولا يعلمهم أصل الدين! لا يمكن هذا.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ومن المحال أيضًا أن يكون النبي ﷺ قد علم أمته كل شيء حتى الخراءة، وقال: (تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك)، وقال فيما صح عنه أيضًا: (ما بعث الله من نبي إلا كان حقًا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم، وينهاهم عن شر ما يعلمه لهم).
وقال أبو ذر ﵁: لقد توفي رسول الله ﷺ وما من طائر يقلب جناحيه في السماء إلا ذكر لنا منه علمًا، وقال عمر بن الخطاب ﵁: (قام فينا رسول الله مقامًا فذكر بدء الخلق، حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه) رواه البخاري.
محال مع تعليمهم كل شيء لهم فيه منفعة في الدين -وإن دقت- أن يترك تعليمهم ما يقولونه بألسنتهم ويعتقدونه بقلوبهم في ربهم ومعبودهم رب العالمين].
قوله: وإن دقت أن يترك تعليمه أي: وإن كان شيئًا صغيرًا، أو شيئًا قليلًا.
وقوله: يقولونه بألسنتهم أي: يقولون مثلًا: إن الله استوى على العرش، والله سميع بصير، والله عليم حكيم، ويعتقدون هذا بقلوبهم، فلا يمكن أن يترك هذا الأمر -الذي يقوله إنسان بلسانه ويعتقده بقلبه- إلى العقول.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويعتقدونه بقلوبهم في ربهم ومعبودهم رب العالمين الذي معرفته غاية المعارف، وعبادته أشرف المقاصد، والوصول إليه غاية المطالب، بل هذا خلاصة الدعوة النبوية، وزبدة الرسالة الإلهية، فكيف يتوهم من في قلبه أدنى مسكة من إيمان وحكمة ألا يكون بيان هذا الباب قد وقع من الرسول ﷺ على غاية التمام].
أي: باب أصول الدين، ومنه الأسماء والصفات.
1 / 4