186

Sharh al-Arba'een al-Nawawiya by Atiyya Salim

شرح الأربعين النووية لعطية سالم

Noocyada

يقين علي والزبير فيما يأتي عن النبي ﷺ
وعلي رضي الله تعالى عنه لما كتب حاطب كتابه لأهل مكة فيما يتعلق بتهيؤ رسول الله ﷺ لفتح مكة، وسبق أنه ﷺ دعا الله قائلًا: (اللهم عمِّ عليهم الأخبار)، ودعوته ﷺ غالبًا مستجابة، وأعطى حاطب الكتاب لضعينة -أي امرأة مسافرة- وقال لها: إن أوصلتِه إلى أهل مكة فلك كذا وكذا، فجاء جبريل ﵇ وأخبر رسول الله ﷺ، فهذا قال الله في حقه: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى﴾ [النجم:٣] وذاك قال فيه سبحانه: ﴿مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ﴾ [التكوير:٢١] لا شك في هذا ولا يحتاج الأمر إلى تثبت.
فقال لـ علي والزبير: (أدركا الضعينة في روضة خاخ، وخذا منها الكتاب) فأسرعا وأدركا الضعينة في الروضة التي أخبرهم بها رسول الله ﷺ، فقال علي: أخرجي الكتاب.
قالت: ما عندي كتاب.
ففتشا الزاد والرحل ولم يجدا شيئًا، فكادا أن يرجعا، فاستل علي سيفه، وقال: والله ما كذبنا رسول الله ﷺ، وإنه لصادق، ولابد أن تخرجي الكتاب، وإلا فتشنا الثياب.
فلم يكن علي رضي الله تعالى عنه في شك من إخبار رسول الله ﵌؟! وقد هددها بالقتل وجزم بأن الكتاب موجود؛ لأن الرسول صادق، ما توقف حتى يفتش ويتيقن أهو موجود أم لا؟! لا.
وإنما قال قبل أن يفتشها: (لتخرجن الكتاب أو لأفتشن تحت الثياب -وتحت الثياب ممنوع- فأخرجته من عقاص شعرها) .
فيقين علي رضي الله تعالى عنه بصدق الخبر ومطابقته للواقع من رسول الله ﷺ جعله كأنه يشاهد الكتاب، فما حمله على أن جزم بوجوده وهدد المرأة حتى أخرجت الكتاب.

21 / 5