Sharh al-Aqidah al-Wasitiyyah by Khalid al-Muslih
شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح
Noocyada
أنواع التحريف
واعلم أن التحريف قد يكون تحريفًا في المعنى، وقد يكون تحريفًا في اللفظ، وقد يكون تحريفًا في اللفظ والمعنى، وكل هذه الأنواع تفضي بصاحبها إلى التعطيل، فتحريف المعنى -وهو الغالب الكثير في أهل الكلام-: صرف اللفظ عن ظاهره، أي: عن المعنى الظاهر، وإزالة اللفظ عن معناه، مثال ذلك: تأويل وتحريف الاستواء بالاستيلاء، فقالوا: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه:٥] أي: استولى، هل هذا تحريف لفظي أو معنوي؟ تحريف معنوي، هم ما غيروا ما في المصحف، إنما غيروا المعنى، ومن التحريف المعنوي: قولهم في قوله تعالى: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء:١٦٤] قالوا: كلمه أي: جرحه بأظافير الحكمة، فحملوا الكلم هنا على معنىً غير المعنى المتبادر من اللفظ، وهو الكلام المعروف، وهذا من التحريف المعنوي.
ومن التحريف اللفظي: ما اقترحه ابن أبي دؤاد على المأمون من تغيير قوله تعالى وكان مكتوبًا على ستار الكعبة: ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾ [الشورى:١١] قال: أزل: السميع البصير، وضع: العزيز الحكيم (ليس كمثله شيء وهو العزيز الحكيم) فهذا تحريف لفظي، وما المراد منه؟! المراد منه نفي اتصاف الله ﷿ بالسمع والبصر.
ومنه قول جهم: وددت أن أحك من المصحف: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه:٥]، أحك يعني: أزيل، فهذا تحريف لفظي.
النوع الثالث من التحريف: التحريف اللفظي المعنوي، وهو مجتمع في تحريف بعضهم لقوله تعالى: (وكلم اللهَ موسى تكليمًا) وجه ذلك: أنهم غيروا الحركة المتفق عليها بين القراء، وهي الضم في لفظ الجلالة، فالآية: ﴿وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا﴾ [النساء:١٦٤] فمن الفاعل للتكليم؟ الله جل وعلا، فقلبوا الأمر، وجعلوا الله مكلمًا لا متكلمًا فقالوا: (وكلم اللهَ موسى تكليمًا) فجعلوا المتكلم موسى، وهذا تحريف لفظي ومعنوي، والرد عليهم من أسهل ما يكون، حيث قال الله تعالى: ﴿وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ﴾ [الأعراف:١٤٣]، فهذا لا يمكن تحريفها، فماذا يفعلون بالضمير: (وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ)؟! وهذا يدل على أن كل من أراد أن يبطل شيئًا في كتاب الله ﷿ فإنه ينقلب عليه ما استدل به، وهذه قاعدة مطردة: أن كل من استدل بشيء من الكتاب والسنة على باطله، كان فيما استدل به ما يبطل ما ادعاه من الباطل والزور، المهم أن التحريف الذي يتوصلون به إلى التعطيل قد يكون في اللفظ، وقد يكون في المعنى، وقد يكون في اللفظ والمعنى.
2 / 7