من حيث هو ليس بقديم، لكن وصف الله تعالى بالكلام هذا أزلي، فالله ﷾ لم يزل متكلما كما قال ابن القيم ﵀ في النونية (١) .
والله ربي لم يزل متكلما....................
فالله لم يزل متكلما، وكلامه ﷾ أزلي من حيث النوع، أما من حيث الآحاد فانه متعلق بمشيئته وليس أزليا.
والفرق بينهما ظاهر، فالله لم يزل يتكلم، ولكن آحاد كلامه ليست أزلية، قال تعالى: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّس: ٨٢)، والمراد لله مُتَجَدِد؛ فالله تعالى يريد مثلا أن ينزل المطر فينزل، ويريد أن تنبت الأرض فتنبت، فإذا أراد شيئا قال له: كن فيكون. إذا فالقول يحدث بعد الإرادة، فتكون آحاد الكلام حادثة ليست أزلية، لكن الأصل في الكلام انه أزلي، فان الله تعالى لم يزل متكلمًا ولا يزال متكلمًا أيضًا، كلامه لا ينفدُ، قال تعالى: (قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا) (الكهف: ١٠٩»، وقال تعالى (وَلَوْ أَنَّمَا فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ مَا نَفِدَتْ كَلِمَاتُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) (لقمان: ٢٧» .
والحاصل أن كلام الله من حيث الأصل أزلي، لم يزل الله ﷿ ولا يزال متكلما، أما من حيث الآحاد فهو حادث يتعلق بمشيئته سبحانه متى شاء تكلم بما شاء.
قال: (اعيا الورى بالنص يا عليم) (أعيا) بمعنى أعجزه، و(الورى): أي الخلق، فلم يأت الخلق بمثل هذا القرآن، قال الله تعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ
(١) انظر القصيدة النونية ١/٢٦٢.