الأنبياء، وربما وكل بغير ذلك، كما في قوله تعالى في قصة مريم: (فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا) (مريم: الآية ١٧) لكن العمل الموكول إليه في الأصل هو نزول الوحي على الأنبياء.
ولهذا يقال ثلاثة من الملائكة علمنا أنهم موكلون بما فيه الحياة: جبريل وميكائيل وإسرافيل، فجبريل موكل بما فيه حياة القلوب، وميكائيل موكل بما فيه حياة النبات، أي القطر، وإسرافيل موكل بما فيه بعث الأجساد بعد الموت وهو النفخ في الصور، وأشرفها وأعلاها ما فيه حياة القلوب.
وكان النبي ﵊ يذكر هؤلاء الثلاثة في افتتاح صلاة الليل، حيث يقول في افتتاح صلاة الليل: «اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، أهدني لما اختلف فيه من الحق بإذنك، إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم) (١) .
ووصف الله ﷾ جبريل بأنه أمين، فقال: (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ) (التكوير: ١٩) (ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ) (التكوير: ٢٠) (مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ) (التكوير: ٢١) ووصفه بالقوة، فقال تعالى: (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) (النجم: ٥) (ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى) (النجم: ٦» فاجتمع في حق جبريل ﵊ القوة والأمانة، فبأمانته نعلم أنه لا زيادة ولا نقص في القرآن الذي أوحاه الله إليه ليلقيه على قلب النبي ﵊، وبالقوة نعلم أنه لا أحد تسلط على القرآن حين نزول جبريل به، أو غلبه عليه، أو توانى جبريل في تنزيله؛ لأنه قوي
(١) رواه مسلم، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب الدعاء في صلاة الليل، رقم (٧٧٠) .