Sharh al-Aqeedah al-Waasitiyyah by al-Ghunayman
شرح العقيدة الواسطية للغنيمان
Noocyada
تفسير قوله تعالى: (فأتاهم الله من حيث لم يحتسبوا)
السؤال
ما هو المراد بقوله: ﴿فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ﴾ [الحشر:٢]؟ وهل يحمل على الفعل الحقيقي أم يؤول بإتيان أمره وقضائه؟
الجواب
هذا ظاهر من سياق الآية، ولو فسر بأنه حقيقي لصار باطلًا، فإن هذه السورة تسمى سورة بني النضير، وهم اليهود الذين أنزل الله جل وعلا في قلوبهم الرعب، وقال فيهم جل وعلا: ﴿مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الأَبْصَارِ﴾ [الحشر:٢]، فأتاهم أمره بجند من ملائكته، ورسوله ومن معه من عباد الله، هذا ظاهر الآية، ومثلها قوله جل وعلا: ﴿فَأَتَى اللَّهُ بُنْيَانَهُمْ مِنَ الْقَوَاعِدِ فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ﴾ [النحل:٢٦]؛ لأن الله لا يأتي من سيسان الحيطان ومن قواعد الأرض، وهذا هو ما يجب أن يفهم، وهو يدلنا على أنه لا يجوز للإنسان أن يأخذ لفظًا معينًا على نسق واحد في جميع موارده، بل يجب عليه أن يتعرف على مراد المتكلم من قرائن الأحوال والسياق.
8 / 22