223

Sharh Akhsar al-Mukhtasarat by Ibn Jibreen

شرح أخصر المختصرات لابن جبرين

Noocyada

حكم إمامة من حدثه دائم وأمي ومريض
لا تصح إمامة من حدثه دائم كصاحب السلس والقروح السيالة، واختلف هل يصلي بمثله أم لا؟ والأرجح أنه يصلي بمثله؛ وذلك لأن حدثه دائم؛ ولأن طهارته ناقصة.
قال: (ولا تصح الصلاة خلف الأميّ وهو الذي لا يحسن الفاتحة أو يدغم فيها حرفًا لا يدغم، أو يلحن فيها لحنًا يحيل المعنى) .
الأمي في الأصل الذي لا يقرأ ولا يكتب، لقوله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الأُمِّيِّينَ رَسُولًا﴾ [الجمعة:٢] يعني: أن العرب كانوا أميين غالبًا، ثم اصطلح الفقهاء على أن الأمي هو الذي لا يحسن الفاتحة، أو يقرؤها ولكن يغلط فيها، فيدغم فيها حرفًا لا يدغم في أي قراءة من القراءات، هناك قراءة لبعض القراء وهو أبو عمرو يدغم الميم في قوله: (الرحيم ملك) يجعلها ميمًا مشددًا، فمثل هذا قراءة سبعية وإن كانت مكروهة.
فأما إذا أدغم حرفًا لا يدغم مثله، فإن ذلك يخل بقراءته، يسأل بعض الإخوان عن بعض الهنود الذي يقلبون الحرف، حرف الحاء هاء، يقول: الهمد لله، نقول: مثل هذا لا تصح إمامته إلا بمثله، لأن هذا قد يكون عاجزًا عن النطق بحرف الحاء، فتصح صلاته بمثله، وإلا فالأصل أنه لا يتقدم الذين لا يحسنون الفاتحة.
وذكر صاحب سلس البول، وقد تقدم أنه داخل في الحدث الدائم.
كذلك العاجز عن الركوع أو السجود أو القعود ونحوها، هذا أيضًا لا تصح إمامته؛ لأنه إذا كان لا يستطيع الركوع ما تمت صلاته، فيصلي جالسًا لنفسه مأمومًا فلا يصلي إمامًا، وكذلك بقية الأركان.
وحد العاجز هو الذي لا يأتي بالركن كاملًا، فإذا كان عاجزًا عن الانحناء بحيث لا يقدر أن تصل يداه إلى ركبتيه صدق عليه أنه عاجز عن الركوع.
كذلك مثلًا: إذا كان عاجزًا عن القعود بحيث إنه لا يستطيع أن يجلس مفترشًا بين السجدتين أو التشهد؛ لعيبٍ مثلًا في ركبته أو في قدمه، فيصدق عليه أنه عاجز عن القعود، وكذلك إذا كان لا يستطيع السجود لمرض مثلًا في رأسه أو في عينه يمنع من السجود، فيصدق عليه أنه عاجز، وكذا عاجز عن اجتناب نجاسة، فإذا كان مثلًا لا يستطيع أن يزيل النجاسة التي على ثوبه أو على بدنه فهو معذور والحال هذه، وكذلك لو كان عاجزًا عن استقبال القبلة فإنه تصح صلاته وحده ولا يصح أن يكون إمامًا.
أما العاجز عن القيام ففيه خلاف قد أشير إليه فيما تقدم، وذكرنا قوله ﷺ (وإذا صلى جالسًا فصلوا جلوسًا أجمعين) فرخصوا في إمام الحي الراتب إذا رجي زوال مرضه، وابتدأ الصلاة بهم جالسًا فإنهم يصلون خلفه جلوسًا.
أما إذا كان لا يرجى زوال مرضه، فالأصل أنهم يستبدلون به غيره؛ لأنه والحال هذه يستمرون في صلاتهم وهم جلوس، وكذلك إذا ابتدأ بهم الصلاة وهو قائم ثم اعتلّ لزمهم أن يتموا وهم قيام.

9 / 17