169

Sharh Akhsar al-Mukhtasarat by Ibn Jibreen

شرح أخصر المختصرات لابن جبرين

Noocyada

قراءة سورة بعد الفاتحة وصفة القراءة
ولا خلاف أنه يقرأ بعد الفاتحة سورة في الصبح وفي الأوليين من المغرب، وفي الجمعة ونحوها.
وذكروا أنه يقرأ سورة، وهذا هو الذي اشتهر في كثير من المؤلفات، وهو دليل على أن قراءة سورة كاملة أفضل من قراءة بعض سورة، كأول السورة أو وسطها أو آخرها.
وهو الذي حدث من النبي ﷺ، فإنه أحيانًا يقرأ سورة في كل ركعة، وأحيانًا يقرأ في الركعة سورتين من المفصل، فيقرأ في الركعتين أربع سور في الفجر، والمشهور أنه ﷺ كان يقرأ في صلاة الفجر من طوال المفصل، والمغرب من قصاره، والعشاء من أوساطه.
وطواله من سورة (ق) إلى سورة (عمّ)، وأوساطه من (عمّ) إلى سورة (الضحى)، ومن الضحى إلى آخره قصاره.
ويستحب أن يقرأ في المغرب أيضًا من طواله، فقد ثبت أنه ﵊ قرأ فيها بسورة الأعراف، قسمها في الركعتين، وكذا أيضًا في غيرها من الصلوات تجوز الإطالة أحيانًا لمناسبة.
والقراءة معلوم أيضًا أنها ترتل كما أمر الله: ﴿وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا﴾ [المزمل:٤] وفي حديث عائشة كان ﷺ يرتل القراءة حتى تكون السورة أطول من أطول منها، ومع ذلك فإنه كان يطيل، فالثابت أنه كان يقرأ في الفجر ما بين ستين آية إلى مائة آية، وإذا كان من السور القصار فإنه يقرأ بقدرها.
يعني: من سورة البقرة نحو ثلثها؛ لأن البقرة مائتان وست وثمانون آية، يعني: إذا قرأ ثلثها صدق عليه أنه قرأ ما فوق الستين ودون المائة.
وكذلك مثلا: ً إذا قرأ سورة الأنبياء وسورة الحج، فهذه السور دون المائة، وسورة الأحزاب آياتها ثلاث وسبعون فهذه دون المائة، ومعناه أن إذا قرأها فلا يستنكر عليه، وكذلك إذا قرأ سورة النمل أو سورة العنكبوت أو سورة الروم أو سبأ، هذه كلها فوق أو قريب من بعضها وهي أقل من الخمسين، وبعضها فوق الستين، وكذلك سُور آل حميم، فلا ينكر على الإمام الذي يقرأ من هذه السور، لا سيما وقد أثر عن الصحابة ﵃.
فقد كان عمر ﵁ غالبًا يقرأ بالسور الطويلة كسورة النحل وهي فوق المائة وسورة يوسف.
وثبت أن أبا بكر ﵁ صلى بهم بسورة البقرة كلها، ولما انصرف قالوا: (كادت الشمس أن تطلع، فقال: لو طلعت لم تجدنا غافلين) .
رواه مالك في الموطأ، وكانوا مع ذلك يتحملون ويألفون الصلاة ويحبونها.

7 / 16