وكانت أم بلوقيا في الأحياء وكانت عاقلة ممسكة بما فيها يقال لها هلفا بنت برنا، فقال لها بلوقيا: يا أماه إني قد أزمعت على التطواف في الدنيا برها وبحرها سهلها وجبلها أطلب أثر محمد صلى الله عليه وسلم وأمته، فقالت له أمه: يا بني أسأل الله لك العون والتوفيق فيما عزمت وأن يمن عليك بلقائه ويجعلك من أمته، ومشركا في شفاعته، فسر على اسم الله وعونه وبركته فإنه المعين لك والصانع .
فسار بلوقيا متوجها نحو الشام، فكان ينزل مصر فاستخلف على بني إسرائيل خليفة، ثم تزود وتهيأ ومضى حتى قدم بلد الشام فأقام فيها أياما يعبد ربه.
ثم خرج في الطلب فبينا هو يسير إذ انتهى إلى جزيرة من جزائر البحر فإذا فيها حيات كأمثال البخاتي العظام سود فنظر إلى أمر من أمر الله العظيم فارتعد وهو ينظر إليهن وهن يقلن: لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال بلوقيا: لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:
فرفعت الحيات رؤسهن وقلن: أيها المخلوق من أنت وما اسمك؟
فقال: أنا إنسان واسمي بلوقيا وأنا من بني إسرائيل، فقلن: وما بنو إسرائيل؟ قال: من ولد آدم عليه السلام، فقلن: ما سمعنا اسم آدم ولا إسرائيل ولا نعرفهم، فقال لهن بلوقيا: أيتها الحيات من أنتن؟ فقلن: نحن من حيات جهنم نعذب الكفار في النار يوم القيامة، فقال بلوقيا: ماذا تصنعن ها هنا وكيف عرفتن اسم محمد صلى الله عليه وسلم؟ قلن: إن جهنم تفور وتزفر كل سنة مرتين: واحدة بحر والأخرى ببرد فإذا تنفست ألقينا إلى ماء ها هنا نتنفس ثم نعود إليها، فشدة حر الصيف من حرها وشدة برد الشتاء من بردها، وليس في جهنم باب ولا ستر إلا مكتوب عليه لا إله إلا الله محمد رسول الله فمن أجل ذلك عرفنا محمدا صلى الله عليه وسلم.
Bogga 141