فلما قال له ذلك عرف أنهما قد اتفقا، وأن قولهما قول واحد، إلا أن سطيحا قال: وقعت بأرض بهمة، فأكلت منها كل ذات جمجمة، وقال شق: وقعت بين روضة وأكمة، فأكلت منها كل ذات نسمة.
فلما رأى ذلك الملك- من قولهما شيئا واحدا- قال: ما أخطأت يا شق منها شيئا، فما عندك في تأويلها؟
قال: أحلف بما بين الحرتين من إنسان، لينزلن أرضكم السودان، فليغلبن على كل طفلة البنان، وليملكن ما بين أبين إلى نجران.
قال له الملك: وأبيك يا شق إن هذا لغائظ موجع، فمتى هو كائن؟
أفي زماني أم بعده.
قال: بل بعده بزمان، ثم يستنقذكم منهم عظيم ذو شان، يذيقهم أشد الهوان.
قال: ومن هذا العظيم الشأن؟
قال: غلام ليس بدنيء ولا مدن، يخرج من بيت ذي يزن.
قال: فهل يدوم سلطانه؟ أو ينقطع؟
قال: بل ينقطع برسول مرسل، يأتي بالحق والعدل، بين أهل الدين والفضل، يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل.
قال: وما يوم الفصل؟
قال: يوم يجزى فيه الولاة، يدعى فيه من السماء دعوات، يسمع منه الأحياء والأموات، ويجمع فيه الناس للميقات، يكون فيه لمن اتقى الفوز والخيرات.
Bogga 132