عِمَامَة صَغِيرَة على زِيّ مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وَكَانَ يتعلل فِي ذَلِك وَيَقُول ان ثِيَابِي وطعامي من كسب يَدي وَلَا يَفِي كسبي بِأَحْسَن من ذَلِك وَكَانَ يعْمل صَنْعَة القزازية وَكَانَ بَيته بَين الْمدرسَة وَبَين قصر السُّلْطَان بايزيدخان الْمَذْكُور وَله مدرسة وجامع بِمَدِينَة بروسا ومرقده الشريف قُدَّام الْجَامِع يحْكى انه خلف عشرَة آلَاف مُجَلد من الْكتب يرْوى انه شهد السُّلْطَان الْمَذْكُور عِنْده يَوْمًا بقضية فَرد شَهَادَته فَسَأَلَهُ عَن سَبَب رده فَقَالَ انك تَارِك للْجَمَاعَة فَبنى السُّلْطَان قُدَّام قصره جَامعا وَعين لنَفسِهِ فِيهِ موضعا وَلم يتْرك الْجَمَاعَة بعد ذَلِك ثمَّ انه وَقع بَينهمَا خلاف فَترك الْمولى الفناري مناصبه ورحل الى بِلَاد قرامان وَعين لَهُ صَاحب قرامان كل يَوْم الف دِرْهَم ولطلبته كل يَوْم خَمْسمِائَة دِرْهَم وقرا عَلَيْهِ هُنَاكَ الْمولى يَعْقُوب الاصفر وَالْمولى يَعْقُوب الاسود وَكَانَ الْمولى الفناري يفتخر بذلك وَيَقُول ان يعقوبين قرآ عَليّ ثمَّ ان السُّلْطَان الْمَذْكُور نَدم على مَا فعله فِي حق الْمولى الفناري فارسل الى صَاحب قرامان يَسْتَدْعِي الْمولى الْمَذْكُور فَأجَاب اليه وَعَاد الى مَا كَانَ عَلَيْهِ من المناصب وَحكي انه صحب الشَّيْخ الْعَارِف بِاللَّه الشَّيْخ حميد شيخ الْحَاج بيرام واخذ مِنْهُ التصوف ورايت لَهُ نظما ارسله الى الشَّيْخ عبد اللَّطِيف بن غَانِم الْقُدسِي خَليفَة الشَّيْخ زين الدّين الخافي قدس الله سره الْعَزِيز ... قدمت بِلَاد الرّوم يَا خير قادم ... بِخَير طَرِيق جلّ عَن كل نَائِم
فمنذ فتوح الرّوم لم يَأْتِ مثله ... الى ملكه يهدي بِهِ كل عَالم
على مَسْلَك الْمُخْتَار من سَائِر الورى ... الى حَضْرَة الْغفار من كل عَالم
يلقب زين الدّين قد صَحَّ كَامِلا ... وَيُسمى اذا عبد اللَّطِيف بن غَانِم
لعمرك ان ابْن الفناري طَالب ... وَلَكِن تقصيري لملزوم لَازم
وَقد حثني شوق شَدِيد لارضه ... لاقضي بقايا الْعُمر هذي عزائمي
وانتظر المخدوم فِي الْقُدس راجيا ... لجمع بِجمع السِّرّ عَن كل هائم
فَقُمْ واستلم حبرًا يعز بعصرنا ... وَسلم لَهُ مَا دمت حَيا بقائم
ورض واغتنم واخدم سَبِيلا لعارف ... تنَلْ بغية تعلو على كل خَادِم ...
1 / 19