ومما يُسْمَعُ على ألسنَةِ العامة وكثيرٍ من القُصاصِ، قولُهُم: يا سبحانُ -يا بُرهانُ- يا غُفْرانُ- يا سلطانُ، وما أشْبَهَ ذلك.
وهذه الكلماتُ، وإنْ كان يَتَوَجهُ بَعْضُها في العربيةِ على إضْمَارِ النسبةِ بِذِي، فإنهُ مستهْجَن، مهْجورٌ، لأنهُ لا قدوةَ فيهِ، ويغلطُ كثيرٌ منهُمْ في مِثلِ قولهمْ: يا رَبَّ طهَ - ويس، ويا رَبَّ القرآنِ العظيمَ.
وأولُ من أنْكَرَ ذلك ابنُ عباسٍ ﵀ (١) - فإنهُ سَمِعَ رَجُلًا، يقولُ عنْدَ الكَعْبَةِ: "يا ربَّ القرآن". فقال:
[١٥] "مَهْ! إنَّ القرآنَ لا رَب لَهُ، إن كُل مربوبٍ مخلوقٌ".
فأما أغَاليطُ منْ جَمَح بِهِ اللسانُ، واعتَسَف أوْديَةَ الكلام من الأعرابِ، وَغَيرِهم، الذين لم يُعنَوْا بمعرفةِ الترتيبِ، ولم يقوِّمْهم ثِقافُ التأدِيبِ، كقول بَعْضِهِم في استسقاءِ الغَيْثِ:
رَبَّ العبادِ مَا لَنَا وما لَكا
قَدْ كُنْتَ تَسْقِيْنَا فَمَا بَدَا لَكَا
أنزلْ عَلينا الغيثَ لا أبَا لكا (٢)
وكقولِ القائِلِ من قريشٍ حينَ هَدَمُوا الكَعْبَةَ في الجَاهليةِ،
_________
[١٥] لم أجده.
_________
(١) ليست: "﵀" في (م).
(٢) الأبيات في مجمع الأمثال ١/ ١٣٣.
1 / 17