272

Shama'il al-Rasul

شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

Daabacaha

دار القمة

Lambarka Daabacaadda

-

Goobta Daabacaadda

الإسكندرية

Noocyada

شاهد على التخفيف في المخالفات: عن أبي هريرة قال قال رسول الله ﷺ: «إنّ الله تجاوز لأمّتي ما حدّثت به أنفسها ما لم يتكلّموا أو يعملوا به» . رواه مسلم «١» .
وهذا شاهد آخر على إرادة الله- ﷿ التخفيف على هذه الأمة، ولكن في مجال المخالفات الشرعية حيث لم يؤاخذها على حديث النفس والوسوسة.
بعض فوائد الحديث:
الفائدة الأولى:
عظيم شأن النبي ﷺ عند ربه- ﵎، ودليله من الحديث قوله: «إن الله تجاوز لي»، فكان هذا التجاوز إكراما له ﷺ في أمته، ويتفرع عليه علمنا بكبير فضل النبي ﷺ على أمته، إذ ببركته حدث هذا التجاوز عن الوسوسة.
الفائدة الثانية:
رحمة الله- ﵎ بهذه الأمة، إذ اختصّها عن سائر الأمم بالتجاوز عن الوسوسة وحديث النفس، والدليل قوله ﷺ: «إن الله تجاوز لي عن أمتي»، ولو حدث ذلك لكل الأمم السابقة ما ذكره النبي ﷺ على سبيل امتنان الله عليه.
كما أن وجه الرحمة في هذا التجاوز أن حديث النفس والوسوسة من الأمور التي يصعب على الإنسان- إلا من رحم ربي- أن ينفك عنها، وهي ملازمه للإنسان في كل وقت، والمؤاخذة عليها تسبب قطعا الحرج الذي وعد الله أن يرفعه عن هذه الأمة بدليل قوله تعالى: وَجاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ [الحج: ٧٨] .
الفائدة الثالثة:
ما هي الوسوسة التي تجاوز الله عنها لهذه الأمة؟
قال الإمام ابن حجر ﵀: (والمراد نفي الحرج عما يقع في النفس حتى يقع العمل بالجوارح أو القول باللسان على وفق ذلك، والمراد بالوسوسة تردد الشيء في النفس من غير أن يطمئن إليه ويستقر عنده، ولهذا فرق العلماء بين الهم والعزم) «٢» .
وقال الإمام النووي ﵀ ما نصه: (فأما الهم الذي لا يكتب فهي الخواطر التي لا توطن النفس عليها ولا يصحبها عقد ولا نية ولا عزم) «٣»، كما قال ﵀: (وقد تظاهرت نصوص الشرع بالمؤاخذة بعزم القلب المستقر ومن ذلك قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ [النور: ١٩]، وقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ [الحجرات: ١٢]،

(١) مسلم، كتاب: الإيمان، باب: تجاوز الله عن حديث النفس والخواطر بالقلب، برقم (١٢٧) .
(٢) انظر «فتح الباري»، (٥/ ١٦١) .
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم (٢/ ١٥١) .

1 / 278