232

Shama'il al-Rasul

شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

Daabacaha

دار القمة

Lambarka Daabacaadda

-

Goobta Daabacaadda

الإسكندرية

Noocyada

نزلت مثل نزول القرآن الكريم، لكان الرد القرآني على الكفار أن هذه هي سنة الله في جميع الكتب السابقة، وهي النزول على دفعات، ولكان هذا الرد أكثر إفحاما للمعترضين؛ لأنه بيّن أن هذا القرآن ليس بدعا من الكتب، كما بين جهل المعترضين، بكيفية نزول الكتب السابقة. والدليل على ما قلت من كتاب الله- ﷿، أن الكفار لما اعترضوا على مشي النبي ﷺ في الأسواق وأكله الطعام رد الله- ﷿ هذه الشبهة بقوله تعالى: وَما أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَيَمْشُونَ فِي الْأَسْواقِ وَجَعَلْنا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكانَ رَبُّكَ بَصِيرًا [الفرقان: ٢٠] .
قال الشيخ السعدي ﵀: (وهذا كله يدل على اعتناء الله بكتابه القرآن، وبرسوله محمد ﷺ حيث جعل إنزال كتابه جاريا على أحوال الرسول ﷺ ومصالحه الدينية) «١» .
الفائدة الثانية:
عظيم عناية الله- ﷿ بقلب نبيه ﷺ، فقد أراد أن يثبته غاية التثبيت، قال الإمام القرطبي ﵀: (لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ: أي نقوي به قلبك فتعيه وتحمله؛ لأن الكتب المتقدمة أنزلت على أنبياء يكتبون ويقرؤن، والقرآن أنزل على نبي أمي، ولأن من القرآن الناسخ والمنسوخ، ومنه ما هو جواب لمن سأل عن أمور، ففرقناه ليكون أوعى للنبي ﷺ وأيسر على العامل به، فكان كلما نزل وحي جديد زاده قوة قلب) «٢» .
وهو كلام جميل من الإمام العالم، ولكني أعتقد أنه لا مدخل لأمية النبي ﷺ في نزول القرآن منجما؛ لأن الآية أوضحت سبب النزول مفرقا أوضح بيان.
الفائدة الثالثة:
بيان ما كان عليه قلب النبي ﷺ من قوة وثبات ورسوخ، وهذا ظاهر وجلي لمن تتبع سيرته ﷺ، قال الشيخ السعدي ﵀: (لأنه كلما نزل عليه شيء من القرآن، ازداد طمأنينة وثباتا، وخصوصا عند ورود أسباب القلق، فإن نزول القرآن عند حدوث السبب، يكون له موقع عظيم، وتثبيت كثير، أبلغ مما لو كان نازلا قبل ذلك، ثم تذكّره عند حلول سببه) «٣» .
ويؤخذ منه أيضا ثبات قلوب المؤمنين من أصحاب النبي ﷺ أكثر من غيرهم من أتباع

(١) انظر «تيسير الكريم الرحمن»، (٥٨٢) .
(٢) انظر «الجامع لأحكام القرآن»، (١٣/ ٢٨) .
(٣) انظر «تيسير الكريم الرحمن»، (٨٥٢) .

1 / 238