ثم جاء الوقت الذي حلت فيه محنة فرانسي.
وكانت العادة المتبعة تقضي بأن يهدي الآباء باقات الزهور لبناتهم الخريجات، ولما كانت الزهور ممنوعة في قاعة الاستماع، فقد وزعت في الفصول حيث وضعتها المعلمات على مكاتب المتخرجات.
واضطرت فرانسي أن تعود إلى فصلها لتحضر من مكتبها بطاقتها التي تشتمل على تقاريرها، وكذلك صندوق أقلامها ودفتر التوقيعات، ووقفت خارج الفصل تشحذ قوتها لمواجهة المحنة التي ستلقاها، وهي تعلم أن قمطرها سوف يكون القمطر الوحيد الذي خلا من الزهور، كانت على يقين من ذلك لأنها لم تكن أخبرت أمها بذلك التقليد، فقد كانت تعلم أنها لا تملك مالا لقضاء هذه الحاجات.
وقررت أن تتغلب على تلك المحنة، ودخلت الفصل، وسارت مباشرة إلى مكتب المعلمة لا تجرؤ على النظر إلى قمطرها، وكان الجو مشحونا برائحة الزهور، وسمعت البنات يثرثرن ويصرخن فرحات بزهورهن، وسمعت أصواتهن وهن يتبادلن كلمات الإعجاب والفوز.
وحصلت على بطاقتها التي تشتمل على تقاريرها، وكانت كالآتي: درجة جيد لأربع مواد دراسية، وتحت المتوسط لمادة دراسية واحدة هي اللغة الإنجليزية، وكانت قد ألفت أن تكون أبرع كاتبة في المدرسة، لكنها الآن انتهت إلى الحصول على درجة النجاح فحسب في اللغة الإنجليزية، وشعرت فجأة بأنها تكره المدرسة والمعلمات جميعا، وخاصة الآنسة جاردنر، ولم يعد يهمها أن تحصل على الزهور، نعم، لم يعد يهمها ذلك، لقد كانت عادة سخيفة على أي حال، وقررت: لأذهبن إلى قمطر أدواتي، وإذا تكلم معي أحد فسوف أخبره بأن يغلق فمه، ثم أخرج من المدرسة إلى الأبد، دون أن أقول كلمة وداع لأحد.
ورفعت بصرها وقالت لنفسها: إن القمطر الذي يخلو من الزهور سوف يكون قمطري.
ولكن لم يكن هناك قمطر خال من الزهور، كانت الزهور على كل قمطر!
ويممت فرانسي شطر قمطرها معتقدة أن إحدى زميلاتها قد وضعت باقة من زهورها عليه مؤقتا، وحزمت فرانسي أمرها على أن تلتقطها وتناولها لصاحبتها قائلة في برود: هل تسمحين؟ إني أريد أن أخرج شيئا من قمطري.
والتقطت الزهور ... كانت عشرين وردة حمراء داكنة أو أكثر قليلا فوق حزمة من السرخس، واحتضنتها بين ذراعيها كما تفعل الفتيات الأخريات، وتظاهرت لحظة أنها كانت ملكها، ونظرت إلى اسم صاحبتها على البطاقة، ولكن اسمها هو الذي كان فوق البطاقة، اسمها هي! كانت البطاقة التي قد كتب عليها: «إلى فرانسي في يوم تخرجها، تقبلي الحب من أبيك.»
أبي!
Bog aan la aqoon