ووقف في ركن، وفتحت الأم الحقيبة فوجدت فيها قطعا من حلوى سكر القصب المخطط، قطعة لكل منهم، واستبدت الفرحة بالأم، وقالت إنها أجمل هدية تلقتها في حياتها، وقبلت نيلي ثلاث مرات، وحاولت فرانسي بكل صعوبة ألا تظهر غيرتها؛ لأن أمها صنعت ضجة حول هدية نيلي أكبر مما قابلت به هديتها.
وكذبت فرانسي كذبة كبيرة أخرى في ذلك الأسبوع نفسه، كانت الخالة إيفي قد اشترت تذكرتين لحضور حفل، تقيمه بعض الهيئات البروتستانتية لصالح الفقراء من جميع المذاهب، والحفل خليق بأن يشتمل على شجرة عيد الميلاد المزينة على المسرح، ومسرحية من مسرحيات عيد الميلاد، وإنشاد الأناشيد وتوزيع هدية على كل طفل، ولم تستطع كاتي أن تتخيل وجود أطفال كاثوليك في حفل من حفلات البروتستانت، ولكن إيفي حثت على التسامح وسلمت الأم أخيرا، وذهبت فرانسي ونيلي إلى الحفل.
وأقيم الحفل في بهو كبير للاستماع، وجلس الصبية على جانب والبنات على الجانب الآخر، وبدا الحفل جميلا، إلا أن المسرحية كانت دينية مملة، وبعد انتهاء المسرحية هبطت سيدات الكنيسة من الهيكل، وأعطين كل طفل هدية، وأخذت كل البنات رقع الشطرنج، وأخذ كل الصبية لعبة من لعب الورق ذات الصفوف الخمسة، وظهر سيدة على المسرح بعد فاصل غنائي وأعلنت عن مفاجأة خاصة.
وكانت المفاجأة بنتا صغيرة جميلة ترتدي ملابس غاية في الأناقة والجمال، كأنما هبطت من السماء تحمل بين يديها دمية جميلة، وطول هذه الدمية قدم، لها شعر حقيقي أصفر وعينان زرقاوان تفتحان وتغمضان ولهما رموش حقيقية، وصحبت السيدة الطفلة إلى الأمام، وقالت: هذه البنت الصغيرة اسمها ماري.
وابتسمت ماري الصغيرة وانحنت، وابتسمت لها البنات الصغيرات المتفرجات، وصفر بصوت عال بعض الصبية الذين كانوا يقتربون من سن المراهقة. - لقد اشترت والدة ماري هذه الدمية وصنعت لها ملابس تشبه ملابس ماري الصغيرة تماما.
وخطت ماري الصغيرة إلى الأمام ورفعت الدمية عالية في الفضاء، ثم جعلت السيدة تمسكها، في حين بسطت هي إزارها وحيت الحاضرين، ورأت فرانسي أن القول كان حقا؛ إذ إن الدمية كانت تلبس فستانا أزرق حريريا، ذيل بالأشرطة، وقرص شعر قرنفلي اللون، وخفين مفتوحين أسودين من الجلد، وجوربا حريريا أبيض مثنيا مرتين، تماما كما كانت تلبس ماري الجميلة، وقالت السيدة: وبعد، فإن هذه الدمية تدعى ماري، تيمنا باسم الطفلة الصغيرة الحنون التي تهديها.
وابتسمت البنت الصغيرة مرة أخرى في رقة. - وإن ماري تريد أن تمنح الدمية لفتاة صغيرة فقيرة من المتفرجات اسمها ماري.
وسرت همهمة بين البنات المتفرجات الصغيرات تشبه صفير الريح، وهي تهب فوق سنابل القمح النامية. - أتوجد بنت صغيرة فقيرة بين المتفرجات اسمها ماري؟
وساد المكان سكون عظيم، وكان هناك مائة ماري على الأقل بين المتفرجات، ولكن صفة «فقيرة» هي التي جعلتهن جميعا يلزمن الصمت لا يحرن جوابا، وما من بنت اسمها ماري خليقة بأن تقف، مهما اشتدت بها الرغبة في الحصول على الدمية، فتكون بذلك رمزا لكل البنات الفقيرات الصغيرات المتفرجات، وبدأن يتهامسن قائلات إنهن لسن فقيرات وإن لديهن في بيوتهن دمى أفضل من تلك، وملابس أجمل، وكل ما في الأمر أنهن لم يرغبن في ارتدائها فحسب، وجلست فرانسي كأنها فقدت الحس وقد هفت نفسها إلى الدمية، وقالت السيدة: ماذا دهاكن؟ أما من بنت تدعى ماري؟
وانتظرت وأعلنت مرة أخرى ... فلم تتلق جوابا ... وتكلمت في أسف: إنه من المؤلم ألا يكون بينكن طفلة تدعى ماري، ولا مناص من أن تعود ماري الصغيرة بدميتها إلى البيت مرة أخرى.
Bog aan la aqoon