وفجأة ظهر قزم وهو يصفر ثم صاح: «إبليس». وفي الحال انفجرت في الدرب حركة شاملة؛ هرعت النساء إلى داخل البيوت وأغلقن الأبواب. قبض التابع على ذراع الشاب واندفع به إلى داخل القهوة وأغلق بابها. في ثوان خلا الدرب تماما وشمله الموت. ومرت دقيقتان، ثم ظهر الفتوة وسط عصابة مدججة بالنبابيت. ألقوا على المكان الخالي نظرة استعلاء وساروا على مهل في خيلاء. ساروا يرجون الأرض بوقع أقدامهم الثقيلة وارتطام نبابيتهم بالبلاط. مضى الزحف وئيدا حتى اختفوا وراء المنعطف. ومرت دقائق والدرب مستسلم للموت، حتى ظهر القزم مرة أخرى وصاح: «أمان».
ورويدا رويدا أخذت الأبواب تفتح والحركة تدب واللغط يعلو، كما عاد التابع والشاب إلى مجلسهما حول الخوان. وقال التابع بهدوء: مناورة، ما هي إلا مناورة، وعندما سيعود سيجد الإتاوة جاهزة!
وانتابت الشاب نوبة ضحك هيستيرية. - ماذا يضحكك؟! - فكرت أن لو حصل الإضراب غدا بهذه الصورة فسيكون أكبر مظاهرة وطنية. - إنه يناور ونحن نناور! - إنه الخوف يا صديقي. - لا تحكم بالظاهر. - لستم أفضل حالا منا! - قياس مع الفارق، ثق من أنني سأضربه ذات يوم! - وتصبح عند ذاك الطاغية! - لقد نالها عن جدارة، وسأنالها عن جدارة، أما في العالم الآخر فالطاغية يطغى استنادا إلى قوة أسياده. - أأنت راض عن نفسك حقا؟ - ثمة أمل دائما لا يغيب! - يا للخسارة! لقد كنت تلميذا ذكيا؛ ولكنك كنت عدو الاجتهاد! - الحمد لله، فلو كنت مجتهدا لمضيت في طريقك حتى أدفن في إدارة من إدارات الحكومة!
وهنا عادت الراقصة إلى مجلسها وهي تقول مخاطبة الشاب: خيبت ظني!
فقال لها التابع بخشونة: الفضل لدموعك الحارة!
فقال الشاب برجاء: لا تعد إلى ذلك.
فقال لها التابع: استعدي للرقص ...
فقالت بإشفاق: إني متعبة!
فضحك ضحكة عالية وقال: متعبة في ليلة الموسم! - إلي بكأس كونياك. - اطلبيه من عاشقك!
وأدرك الشاب المقصود فقال: هات لها كأسا!
Bog aan la aqoon