فقال الرجل: نحن في الدور الخامس والثلاثين، وقد لقنني ذلك حكمة ...
فسأله الصديق الثاني ضاحكا: ألذلك علاقة بجريمة قتلنا؟
وأخذ الرجل الشاب من يده ومضى به إلى النافذة، ثم قال: من هذا الموضع المرتفع ترى أكثر من نيل يجري في القاهرة ...
فقال الشاب: منظر عجيب حقا، ولا شك أنه في أثناء النهار أعجب. - من هنا ترى الحدائق كأنها أشكال هندسية دقيقة، مرسومة على سطح من الورق ... - ربما .. ولكن أرجو ألا تصدق أني فكرت حقا في الانتحار. - السيارات لعب أطفال، الناس فئران، أما الجبل والمساكن فبناء هائل متصل التكوين تنبثق منه هنا وهناك قباب ومآذن، الطرقات تختفي تماما، كما يختفي تفرد الناس وتميزها، ولا أثر يظهر لهمومها ومشاكلها، وأفراحها وأتراحها. - ما أعجب ذلك كله! - ما أجمل أن نتعامل مع الشمس والهواء والعلو! .. أيضايقك حديثي؟ - أبدا، أخشى أن يضايقك وجودي ...
وقالت زوجة الصديق الأول: ارفع صوتك قليلا يا عزيزي؛ فنحن أيضا في حاجة إلى كلمتك الطيبة.
فقال الرجل للشاب: إني سعيد بك، ولعلي أستطيع أن أقنعك كما أقنعت نفسي بالحياة فوق كل شيء! - فوق كل شيء؟ - أعني أن تنظر إلى همومك من فوق، كما تنظر إلى المدينة تحتك فتراها أشكالا مجردة لا فاعلية لها.
فهتف الصديق الثاني: أحسنت أيها الحكيم.
ولكن الشاب قال: هذه خاطرة قد تخطر أحيانا للمثقل بالهموم للراحة، ولكن لا موضع لها بين الحقائق.
فقالت زوجة الصديق الثاني مخاطبة الشاب: إنها وصفة مجربة، فلا تستهن بها يا عزيزي.
وقال الرجل: أجل .. لا تستهن بها، ما أجمل أن نحيا فوق كل شيء! - ولكننا خلقنا لنعيش تحت. - ألا تستطيع أن ترتفع؟ - لا أظن، الملايين تعاني تحتنا. - لا يغير ذلك من جوهر الحقيقة. - أشك في ذلك يا سيدي.
Bog aan la aqoon