Caanaha Haweenka ee Adduunka Islaamka
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
Noocyada
يحفظ لنا التاريخ أنها بعد الفراغ من أعمالها السياسة كانت تجلس على مقربة من بركة مزخرفة وسط الحديقة لاستنشاق نسيم المساء المعطر بروائح الزهور والرياحين، في ذلك الوقت الذي يطير فيه المرء سابحا في عالم الخيالات، في عالم أثيري بعيد عن ماديات هذا العالم الأرضي.
كم يشتاق الإنسان إلى معرفة تصوراتها وما يدور بخلدها في تلك اللحظات اللذيذة القصيرة! هل كانت أفكارها موجهة إلى ابنها وأمر تربيته؟ أو أنها كانت تفكر في أمر الحياة لتعرف حقيقتها فتقول في نفسها: إن هي إلا رؤيا نرى فيها الحقيقة في ثوب الخيال والخيال في لباس الحقيقة، أو أن تصوراتها تنحدر بها في تلك اللحظة إلى مظاهر الوجاهة وآثار النعيم والترف التي تقلبت في أحضانها منذ الساعة التي كانت تغنت فيها بين خمائل الحديقة؟ أو أنها تحصي الحوادث والصدمات التي تحملتها منذ ستة عشر عاما؟ كلا كلا، إنها في تلك الجلسات بجانب البركة كانت تنظر إلى النجوم اللامعة في صفحة السماء لتقارن بينها وبين القصائد التي نظمت في مدحها ، والتشبيهات التي قيلت من أجلها، وربما كانت لا تفكر إلا في شيء واحد ولا يشغل ذهنها إلا أمر واحد هو غرامها وهيامها بأبي عامر.
آه، من يدري ذلك، كل هذه أسئلة لا يمكن الإجابة عنها وستبقى سرا غامضا إلى الأبد.
لم أجد في أي كتاب حبا يشابه حب صبيحة ولا نفسية كنفسيتها.
وقد علمت بالبحث والتنقيب أن ابن أبي عامر كان روحها وحياتها، ولكنني بكل أسف عجزت عن وصف تصوراتها وأفكارها في تلك الساعات القصيرة التي كانت تتنزه فيها في حدائق بيت الزهراء.
الفصل السابع
قدم المملوكان فروض الطاعة ورضخا لحكم الزمان مؤقتا، إلا أنهما لم ينسيا قتل المغيرة ومدبري تلك المؤامرة؛ ولذلك لم ينفكا عن تحريك الفتنة وإذكاء نارها الخامدة كلما استطاعا إلى ذلك سبيلا، اندفعا في هذا السبيل حبا في الانتقام من المصحفي وابن أبي عامر، وأوشكت ثمار أعمالهما تنضج؛ فإن الشعب بدأ يشكو من احتجاب الخليفة عنه، وأخذ الناس في مجامعهم يتحدثون عن صغر سنه، وقد كان لهم بعض العذر في التذمر؛ لأنهم في عهد عبد الرحمن وابنه الحكم اعتادوا أن يروا خليفتهم من وقت لآخر، أما هشام فقد بقي منزويا في حجرات القصر منذ يوم المبايعة.
اغتبط لهذه النتيجة مدبروها وقلقت لها صبيحة التي كانت تراقب مجرى الحوادث بعين يقظة، فاستدعت المصحفي وابن أبي عامر وطلبت منهما إبداء الرأي في هذه الصدمة، فقر رأيهما على إخراج الخليفة لشعبه، وفعلا ظهر هشام للأندلسيين في حفلة عظيمة جمعت كل دواعي الهيبة والعظمة، وكان ممتطيا جواده وعلى يمينه حاجبه المصحفي وعلى يساره ابن أبي عامر، وقد زاد أبهة المهرجان اشتراك فرق عديدة من الجنود في الموكب، وفي نفس هذا اليوم ألغيت إحدى الضرائب «ضريبة السمن» عن كاهل الأندلسيين، فهلل القرطبيون لرؤية خليفتهم وكبروا، وقد ازدادوا محبة له والتفافا حول عرشه.
لم يفت ذلك في عضد المملوكين، بل أغراهما على التمادي في إشعال نار الفتن، وقد أدت بهما الجرأة إلى نصب حبائل مكيدة داخل القصر كانت سببا في فضيحتهما ونفيهما إلى الجزيرة ، أما أعوانهما وأتباعهما فقد نالوا الجزاء الصارم من أبي عامر، وبينما كانت الأحوال في داخل البلاد على هذا الوجه كان أمراء الفرنجة في الخارج قد اشتدت قوتهم وتعددت منهم حوادث النهب في البلاد الآمنة، فقلقت صبيحة لهذه الحالة لعلمها أن قيام هؤلاء الأقيال دفعة واحدة بعد سكونهم مدة طويلة منذ عهد الحكم ينذر بقرب وقوع حروب شديدة بينها وبينهم، فأمعنت الفكر في ذلك واستمدت كعادتها برأي الحاجب وصنيعتها أبي عامر، فأشارا عليها بعرض الأمر على وجوه الأمة وأعيانها، فجمعتهم في مجلس عام وطرحت المسألة على بساط البحث والتدقيق، وكان رأي سوادهم فصل المشكلة بحد السيف وقد خطبهم ابن عامر خطبة بليغة شرح فيها الأسباب الموجبة لشن الغارة على الأعداء وتأديبهم قبل استفحال الأمر، فاستهوت الخطبة ألبابهم، ولم يبق في المجلس نفر على غير رأيه، غير أنهم لفتوا نظره إلى نفقات الحملة وما تستدعيه من المصاريف، فطلب منهم بيانا بجملتها فلم يحر أحدهم جوابا، عند ذلك أجابهم بأنها ربما بلغت مائة ألف دينار تقريبا، فرد عليه أحد الحاضرين مستعظما ذلك فأجابه على الفور: «خذ إذا شئت مائتي ألف وتول قيادة الحملة وخفف عن عاتقي هذه المسئولية.» فأفحمت هذه الكلمات قول المعترض، وبعد أن وصل المجلس إلى هذا الحد أخذ يفكر في تعيين من يعهد إليه بقيادة الجيش، وكانت هذه مشكلة جديرة بالبحث حيث لم يقبل أحد من الحاضرين أن يتولى مثل هذه المأمورية، إلا أن ابن أبي عامر فض الإشكال بأن قبل القيام بذلك على شرط أن يدفع إليه مقدار النفقات وأن تكون له الحرية
1
Bog aan la aqoon