Caanaha Haweenka ee Adduunka Islaamka
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
Noocyada
كان المملوكان، فائق وجوهر، من الجنس السلافي، يحكمان على ألف مملوك آخر في القصر ومتصفان بالظلم والغدر والعمل لما فيه نكاية أهل الأندلس، وكانا يحقدان على المصحفي وهو أيضا يحقد عليهما، ويعلمان بأن نفوذهما سيذهب أدراج الرياح منذ اليوم الذي يستولي فيه هشام على تاج الخلافة، وعندما علما بموت الحكم خطر ببالهما أمر تآمرا عليه سرا وعقدا النية على تنفيذه في الحال، فاستدعيا الحاجب بدون علم أبي عامر وأفضيا إليه بواقعة الأمر وأعلماه بأنهما غير راغبين في خلافة هشام وطلبا إليه مساعدتهما في ذلك.
أسقط في يد الحاجب وعلم بأن أقل معارضة تورده حتفه في مكانه فلم ير بدا من التظاهر بالانحياز إليهما وأنه راض عن خطتهما، ثم أفهمهما أنه من صالح العمل تركه في مكانه كحارس بينما هما يذهبان لإخراج الفكرة من حيز القول إلى دائرة العمل.
كان المصحفي يعلم بأن الأندلسيين الذين لم يذوقوا طعما لحكم الأوصياء بعد، يصعب عليهم قبول مثل هذه السنة الآن، إن صغر سن هشام حجة قوية في يد الخصوم لرفض خلافته، فلا يبعد إذن أن تروح فكرة تنصيب المغيرة للعرش، اضطرب المصحفي لهذا الأمر وأخذ يقلب الأمر على وجوهه ليتبين وجها للخلاص، فعول على أن يستدعي ابن أبي عامر إلى تلك البقعة سرا ليتشاور معه في هذه الكارثة المقبلة، ثم التحقت بهما صبيحة عندما علمت بوجودهما هناك وشاركتهما في التدبير والتفكير ، لم تكن هناك إلا طريقة واحدة لحل هذه المعضلة، هو إزالة المغيرة من الطريق، حقا إنها الطريقة المثلى ولكن من يقدر على تنفيذها؟ اتجهت الأنظار إلى أبي عامر؛ لأنه أقدر الثلاثة على إتيان هذا العمل.
إذا قبل ابن أبي عامر تنفيذ ذلك فإنه ينقذ صبيحة من أشد الأزمات وأحرج المسالك في حياتها، بل هناك ما هو أهم من ذلك أنه ينتشل ولي العهد من وهدة السقوط وبالأحرى ينتشل الأندلس من أحضان الفوضى والانحلال، إنها لفرصة سانحة تجرب بها الأميرة صداقة محسوبها وربيب نعمتها.
أمام هذه الظروف وإصرار المصحفي لم يسع ابن أبي عامر إلا الإذعان، فشمر عن ساعد الجد وذهب توا إلى قصر المغيرة يصحبه العدد اللازم من الجنود الأشداء للقضاء على حياة المغيرة.
كان المغيرة شابا في السابعة والعشرين من عمره، إلا أنه جبان رعديد، فما كاد يرى وجه أبي عامر ويده على قبضة السيف حتى قال له ونبرات صوته تدل على الخوف والاستسلام: «إنني طوع إرادتكم فافعلوا بي ما شئتم.» فأخبره ابن أبي عامر بوفاة أخيه الحكم وبتنصيب هشام ابن أخيه للخلافة فأجاب: «إنني أقسمت سابقا على مبايعته أطال الله بقاءه.»
حركت هذه الحالة عاطفة الشفقة في نفس أبي عامر وجعلته يمسك عن قتله، حتى إنه خرج إلى ناحية من القصر وكتب إلى المصحفي رسالة يخبره فيها بعدم موافقته على الأمر المتفق، وأرسل الرسالة مع رسول خاص، فلما قرأ المصحفي رسالته اضطرب؛ لأن المجال كان لا يتسع لإظهار مثل هذا التألم والإشفاق، فكتب إليه في الحال يقول: «إنك بمثل هذا التردد توقعنا في ورطة أشد مما نتحملها الآن، فهل أنت عازم على خيانتنا أيضا؟»
وصل الكتاب إلى أبي عامر مع الرسول نفسه فأنعم نظره في الأمر وقد جاشت عواطفه ولم يتمكن من إسكات ثائرة الشفقة القائمة بين جوانحه إلا أنه مع ذلك لم ير بدا من إصدار الأمر إلى جنوده بالإجهاز عليه، فانقضوا عليه وكتموا أنفاسه ثم واروا جثته في إحدى زوايا القصر. •••
علم المصحفي بتنفيذ المشروع فسر في نفسه وأبدى ارتياحه، أما الأميرة فكان سرورها أشد وكان يلوح عليها مظاهر الامتنان والشكر لهذا العمل الذي كان سببا في زيادة تعلقها به.
أذيع بعد ذلك خبر موت الخليفة وتقلد هشام منصب الخلافة مكان أبيه في اليوم الثاني كما كان مقررا وبايعه الناس في حفلة عظيمة سمي فيها بلقب «المؤيد بالله»، وهو إذ ذاك لم يتم الحادية عشرة من عمره، وقدم كذلك المملوكان، فائق وجوهر، طاعتهما للخليفة ومن ثم اختفى هشام عن العيان في إحدى زوايا القصر مع مربيه الذي عهد إليه في أمر تربيته.
Bog aan la aqoon