Caanaha Haweenka ee Adduunka Islaamka
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
Noocyada
مات عبد الرحمن وبموته طوي بساط ذلك الزمن الزاهر وفتح للأندلس أبواب عهد جديد هي: أيام الحكم المستنصر بالله.
كان الحكم قبل تقلده منصب الخلافة عالما وقورا محبوبا من الشعب، وفي مصاف أكابر الأمراء في عهده،
1
ذا دراية بتدبير الملك وفنون السياسة، خاض غمار الحرب بنفسه واشترك في إدارة دفة الأحكام على عهد أبيه؛ ولذلك قابل أهل الأندلس خبر توليته وهو في الثامنة والأربعين من عمره بمظاهر الارتياح والسرور؛ إذ كان خير خلف لخير سلف.
كان - رحمه الله - من حماة العلوم وأنصار الفنون، يعتبر الكتاب من أحسن الندماء ويلذ له الاعتكاف في مكتبته الحاوية لنفائس الآثار الساعات الطوال، يقطع أوقات فراغه من العمل بالدرس والمطالعة، وكان للشعر والموسيقى في نفسه منزلة لا تقل عن منزلة الكتب، وبالإجمال كان موسيقي الطبع، مغرما بكل أمر معنوي نفيس، تخلبه نغمة العود والناي ويستهوي لبه الصوت الموسيقي الرنان، سمع ذات يوم وهو يروض النفس في حدائق بيت الزهراء تلك الحدائق الوارفة الظلال المزينة بالورد والأزهار، صوتا جميلا نفذ إلى أعماق قلبه وملك كل جارحة من جوارح نفسه، فبحث عن مصدره وعلم أنه صوت فتاة جذابة الملامح، جمال صورتها يضارع حسن صوتها،
2
تلك الفتاة هي: صبيحة التي ملكت على الخليفة حواسه وجعلته يتطرف معها إلى حد الجنون في الحب، هاجرا مكتبته ناسيا كل شيء في العالم حتى كتبه، وقد كانت أحب الأشياء لديه.
كثيرا ما يصادف الإنسان في حياته وجوها جميلة تترك جاذبيتها أثرا في النفس لا يمكن نسيانه إلى الأبد، وصبيحة كانت إحدى هذه الخوارق، ذات جمال ساحر ونفس جذابة وروح حلوة ذات لطافة ورقة ففتنت الخليفة بخفة روحها وجميل صورتها، فغدا أسير اللحاظ مكبلا بقيود الهوى.
كانت الفتاة على شيء من الأدب؛ أدب العلم والنفس، وكانت تسامر الخليفة بأحاديثها الحلوة وفكاهاتها العذبة فلا يطيق مفارقتها طول يومه، أما الليالي فكانا يقضيانها في حدائق الزهراء الخيالية تحت ظلال أشجارها العطرة جنبا لجنب، وهي تسكب في نفسه كئوسا من صوتها الرخيم لتزيده سكرا وهياما.
كان لصبيحة جسم شفاف ذات طراوة تحاكي نداوة الفجر؛ ولذا كان الخليفة يدعوها على الدوام باسم «صبح»، فهل أراد بهذا النداء المصغر المحبوب، ذكرى تلك السهرات المسكرة والأوقات اللذيذة؟ أم أنه أراد بذلك أن يعيد إلى ذاكرته أحلام الفجر المشوبة بحمرة الشفق؟ لا أدري! وإنما يخيل لي أنه إذا ذكر اسم صبيحة لأي إنسان تمثلت له صورة متوردة وتجسمت في مخيلته مناظر تلك الحدائق العطرة، حدائق الزهراء فتحيا في ذهنه صورة الأندلس بخواطرها العذبة وذكرياتها اللذيذة بكل ما فيها من لطف وظرف.
Bog aan la aqoon