Caanaha Haweenka ee Adduunka Islaamka
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
Noocyada
وعندما ماتت زوجة حسن البصري طلبها للزواج فلم تقبل وأرسلت إليه قصيدتها المشهورة التي ضمنتها كثيرا من التغزل الإلهي، وقد سألها عقب ذلك في محادثة دارت بينهما: «أليس لك رغبة في الزواج قط؟» فأجابت تاج الرجال: إنما يتزوج من يملك إرادته بنفسه، أما أنا فليس لي إرادة، إن أنا إلا عبدة المولى - عز وجل - «وضعت نفسي تحت إرادته وتصرفه.» فقال لها الحسن البصري: كيف وصلت إلى هذه الدرجة من الزهد والصلاح؟ فأجابت أم الخير: «بمحو النفس وفنائها تمام الفناء.»
قال لها أحد العلماء الأفاضل ذات يوم أثناء زيارته لها: «إن المولى فاطر السموات يا رابعة يكافئ الذين يصطفيهم من عباده بموهبة من المواهب ليزداد قدرهم، ولكن من الغريب أننا لم نجد مثل هذه القدرة والكفاءة في امرأة، فكيف وصلت إلى هذه المرتبة؟ وكيف أصبت مثل هذه السعادة؟»
فأجابت: «أنت محق في ذلك؛ لأن النساء لم يفتتنوا يوما من الأيام بكفاءتهم فلم تتظاهر بدعوى القدسية.»
تاريخ أم الخير مملوء بالمدهشات من الغرائب ننقل هذه الحادثة كأنموذج لما سواها.
كان من عادتها أن تعتزل الناس فتخلو إلى ربها للدعوة والمناجاة، فكانت تصوم سبعة أيام وتنقطع إلى العبادة والزهد ليالي لا تفتر أثناءها عن مناجاة النفس بهذا الخطاب: «إلى متى تعذبين نفسك يا رابعة وتحملينها مشقة ليس بعدها مشقة؟» وهي في ذلك وإذا برجل يدق عليها الباب وفي يده صحن من الطعام يتركه لديها ثم ينصرف، أما هي فتأخذ الصحن وتضعه في زاوية من الغرفة وتتشاغل بإصلاح القنديل، وهي على ذلك الشأن فتدخل هرة فتأكل الطعام الذي في الصحن، وطالما تعود رابعة ترى الصحن خاويا فتقول رابعة في نفسها: «لا بأس أفطر على الماء.» وعندما تذهب لتعود بالماء ينطفئ القنديل فلم تطق احتمالا وتقول: اللهم لم هذا العذاب؟ فتسمع هاتفا يقول: لو شئت يا رابعة وهبناك جميع ما في الدنيا ومحونا ما في قلبك من نار العشق؛ لأن قلبا مشغولا بحب الله لا يشغل بحب الدنيا، سمعت ذلك فعزمت على ألا تعود فتتمنى سعادة الدنيا وراحتها، بل ظلت ثلاثين عاما تذكر ربها ولا تعيد تلك الجملة أو غيرها مما ينم عن الشكوى والألم، بل كان وردها: رب لا تجعل في قلبي مكانا لغير حبك.
قال عنها الملك دينار وقد كان شغفا بها مفتونا بفضلها: ذهبت أزور أم الخير يوما فوجدتها على حصيرة بالية وموضع الوسادة قطعة من الآجر وتشرب من إناء مكسور، فقلت لها: أعرف يا أم الخير أصحابا لي من ذوات اليسار فاسمحي لي أن أذهب إليهم وأطلب منهم معونتهم في أمر رفاهيتك وراحتك، فردت طلبه قائلة: إن الله رازق الأغنياء يهون على الفقراء أيضا حاجاتهم، فما علينا إلا الصبر والقناعة، ورضاء الإنسان بما قسمه الله فرض محتم.
وقد زارها ذات يوم سفيان الثوري أحد الصالحين المعاصرين لها ومعه فاضل آخر يدعى عبد الواحد، فوجداها نحيلة الجسم واهية القوى فلم يتمالكا نفسيهما من البكاء، فقال لها سفيان الثوري قدس الله سره: هلا طلبت من الله يا أم الخير أن يخفف بعض الألم؟ فأجابت: من هو الذي يعذبني ويسبب آلامي؟ فقال: هو الله، فأجابت: إذا كان هذا أمر ربي، فكيف أخالفه وأطلب منه تخفيف الألم؟ فأجابها: لا أستطيع أن أرد عليك وها أنا ذا أكل إليك أموري بدل أن أشتغل بأمرك،
8
فاستمرت تقول: لو لم تكن يا سفيان راغبا في الدنيا كل هذه الرغبة لكنت إنسانا كاملا، فلم يتحمل سفيان مزيدا وأجهش في البكاء وهو يقول: هل أنت راض عني يا ربي؟ فقالت له: ألا تخجل فتسأل ربك ما إذا كان راضيا عنك، فما الذي صنعته لتفوز برضاه؟ فسكت.
وزارها يوما بعض أهل الفضل وسألوها لماذا تعيش منزوية ولا تتزوج، فأجابت: إنما يشغل خاطري ثلاثة أمور؛ أولاها: هل أموت وأنا على إيمان كامل؟ والثاني: هل أنال صحيفتي بيدي اليمنى يوم الحساب؟ والأمر الثالث: لا أدري مع أي فريق أكون يوم الحشر، أمع الذاهبين إلى الجنة، أم مع الهالكين في جهنم؟ فإذا كنت مشغولة اللب بأمثال هذه الأمور، فكيف أبحث عن الزواج؟ •••
Bog aan la aqoon