Caanaha Haweenka ee Adduunka Islaamka
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
Noocyada
أما هو فكان يغضب لهذا المجادلات اليومية، فيزداد نفوره منها حتى أصبح يتغيب كثيرا عن القلعة، وكان هذا التباعد يزيدها غيظا؛ لأنها بدأت تشعر بزوال محبته لها، فاشتد تعلقها به وازداد هيامها وصارت ترى في كل حركة من حركاته وكل طور من أطواره حالا يستوجب الغيرة.
كان لزوجها امرأة أخرى هي أم ولده الوحيد، عقد عليها قبل زواجه بشجرة الدر، فعلمت بهذا الأمر وحكمت عليه أن يبتعد عنها بتاتا، ثم خشيت ألا ينفذ أمرها فأمرته بإحضارها وتطليقها منه في الحال، تم لها ما أرادت ووصلت إلى بغيتها، ولكن ظلت نيران الغيرة تتأجج في ذلك الصدر المتقد، وعاد زوجها إلى الابتعاد عن القلعة والنفور من دائرة الحريم واتسعت شقة الخلاف بينهما حتى انقلبت على مر الأيام إلى خصومة متينة انتهت بمأساة دموية فجيعة. •••
مهما ارتقى الإنسان وعلت شخصيته فهو بشر لا يسلم من عوارض النقص.
شجرة الدر امرأة ذات شخصية بارزة قل أن يوجد لها نظير، شقيت بغرورها، ووصمت سلسلة حياتها بفعلة شنيعة من جراء هذا الخلق الفاسد.
لقد تطرفت مع زوجها في سوء الخلق إلى حد الملل وإلى حد أن استفزت فيه روح الأنانية فطلب يد لؤلؤة بنت بدر الدين أمير الموصل وعرض أمنيته هذه على المماليك فعارضه المخلصون منهم لشجرة الدر ولم يوافقوه على ما يريد، بل جاهروا بأنه لا يليق بأمير نبيل مثل المعز أن يرتكب مثل هذه الهفوة، فغضب لذلك وأدى به الحنق إلى القبض عليهم وإلقائهم في غيابات السجون.
ولما كانوا في طريقهم إلى السجن مر بهم الحراس من تحت الشرفة التي تجلس عليها الملكة فتأخر زعيمهم «سبكتكين» قليلا ونادى بالتركية يقول: «نناشدك الله أيتها الأميرة أن تخبرينا عن سبب القبض علينا، إننا رجالك المخلصون، يريد الأمير أن يعقد على لؤلؤة بنت أمير الموصل فعصيناه؛ لأننا نرى في ذلك إهانة لأميرتنا.» وكانت الأميرة إذ ذاك في الشرفة فرفعت منديلها تشير إليهم أنها فهمت قولهم ثم سيقوا إلى السجن وقلوبهم تتأجج بنيران الانتقام التي لا يستطيع المعز إطفاء لهيبها.
لم يكن المعز في قصر القلعة كعادته، بل كان مقيما في قصره «مناظر اللوق» المشرف على النيل بجوار الأزبكية، كان نافرا من شجرة الدر يجتنب حرمه، عملا بإرشاد منجمه الذي أخطره بأنه يموت مقتولا من يد امرأة، أما امرأته فكانت تريد الاستفادة من هذا الظرف فرسمت خطة باهرة للتنكيل بالمعز وأرسلت تدعوه إلى القلعة مرارا بعد أن أعدت معداتها لهذا الغرض.
لم تكن شجرة الدر، تلك المرأة الحاكمة القديرة وإنما الغيرة والحدة والحنق كل هذه العوامل كانت قد أتلفت جهازها العصبي وصيرتها شيطانا يتحكم فيه الجنون والهوس، قد انقلبت فيها خصال الرزانة وعلو الطبع وقوة الإرادة إلى صفات الغيرة والحرص والانتقام. •••
لم يشأ المعز أن يجيب دعوات امرأته في بادئ الأمر؛ لأن إخطار المنجم ما زال عالقا في ذهنه، ترتعد فرائصه كلما خطر بباله إلا أن تكرر الدعوات أثر في نفسه وتوهم من خلالها الصدق والإخلاص فأجابها إلى ما أرادت وزار زوجته في قصر القلعة، حيث قابلته بالتجلة والاحترام مظهرة له كل عطف وحب، بل تمادت في التملق والرياء إلى حد تقبيل أياديه ومحو كل ظن سيئ من نفسه، فركن إليها المعز كل الركون وقضى معها يومه وطلب في مسائه أن يدخل الحمام، ولكنه ما كاد يلج باب الحمام حتى فاجأه بضعة رجال تلمع السيوف المصلتة في أيديهم ففهم قصدهم وأدرك أن ذلك من تدبير شجرة الدر، فناداها باسمها وتوسل إليها بكل ما فيه من جهد وقوة، ويظهر أنها كانت على كثب من المكمن؛ لأنها لم تستطع ثباتا أمام توسلاته، فأظهرت نفسها وطلبت من رجالها أن يحقنوا دماءه، إلا أن الرجال لم يصغوا لقولها، خشية غضبه وانتقامه إن هم نزلوا عند رأيها وأخلوا سبيله، ثم هجموا عليه وكتموا أنفاسه في ذلك المكان، وبعد أن نفضوا أيديهم من فعلتهم الشنعاء أخفوا جثة الأمير في ردهة خارجية وانبثوا في أرجاء القصر يشيعون أنه أغمي على أميرهم وهو في الحمام.
1
Bog aan la aqoon