ونظر إليه بريبة جديرة برجل ماجن عشيق، ولكنه سرعان ما غيرا الحديث راجعا إلى حديث السياسة المفضل عنده، فسأله: ماذا يفعل الناس في هذه الأيام؟
فأجبت دون مبالاة بالسياسة: إنهم يبحثون بجنون عن النشوة.
ولم يفهم. إنه زير نساء ولست كذلك، لست ماجنا، ولا عابثا. ولكن من ذا يفرق بين قاتل وعابد، أو يصدق أنك تقيم للعربدة معبدا؟
وفتحت باب الحجرة نصف فتحة، ثم أبرزت رأسها قائلة: ربما طال وقت الزينة، وأنا في حاجة ماسة إلى قبلة؟
فهفا إليها، وأخذ خديها بين راحتيه حتى برزت شفتاها مضمومتين؛ فقبلهما قبلة طويلة، وهو يشم بتلذذ رائحة الصابون الزكية وشذا البشرة الآدمية، وهمس: هل أدخل؟
فدفعته ضاحكة وهي تقول : لا تكن بدائيا.
عاد إلى ضجعته فوق الديوان، ورأى أمامه الدولاب الملون الجامع للراديو والتلفزيون بين جناحيه، فقام وأدارهما معا في فرحة طفولية، فتلاقت في أذنيه في ضجة متداخلة مناقشة عن جرائم الأحداث مع ما يطلبه المستمعون، ثم أسكتهما دون أن يتخلص من عبثه الطفولي، فمضى إلى الباب المغلق ونقر عليه فجاءه الصوت: هه! - أحبك. - من كل قلبي. - ما أعز أمنية في حياتك؟ - الحب.
فتمادى في عبثه البريء متسائلا: هل فكرت يوما عن معنى الحياة؟ - لا معنى لها إلا الحب. - وهل فرغت من زينتك؟ - لم يبق إلا القليل.
فاستطال تماديه وهو يسأل: عزيزتي ألا يقلقك أن نعبث والعالم من حولنا يجد؟
وهي تضحك عاليا: ألا ترى أننا نجد، والعالم من حولنا يعبث؟ - من أين لك هذه البلاغة؟ - عما قليل ستعرف سرها.
Bog aan la aqoon