فتساءل مقطبا: ألم تخبريها كيف انتهيت؟ - لكن أن تكون بنت في سنها شاعرة شيء جميل. - فعلا. - يجب أن تقرأ شعرها، وأن تزودها بنصائحك. - لو لنصائحي قيمة؛ لأجدت معي! - ولكنك سعيد بالخبر؟ - جدا.
4
ولكن الاضطراب غطى على السعادة المؤقتة. وهذا إحساس عاصف كأنه نوع من الذعر. وثمة جيشان يرعى الصدر لم يقربه منذ عشرين عاما. وناداها إلى الشرفة المطلة على البحر، فجاءت في بلوزة مزركشة، وبنطلون بني يضيق تدريجيا حتى يلتصق بالساقين فوق الرسغين. أجلسها قبالته وهو يقول: رأيت أن أدعوك لتشهدي معي الغروب.
همت بالاعتذار فيما بدا له، وكان يعلم أن ذاك وقت خروجها مع أمها وأختها لنزهة الأصيل على الكورنيش، ولكنه قال: ستلحقين بهما سريعا، ألا يحب الشعراء الغروب؟
ولاحظ تورد وجنتيها بشغف، وهو يبتسم: لكن ... لكني لست بشاعرة. - ولكنك تكتبين شعرا! - ومن أدراني أنه شعر؟ - سوف أحكم بعد الاطلاع. - كلا.
نطقت بها في إشفاق وحياء، فقال: لا سر بيننا، وأنا فخور بك. - ما هو إلا كلام ركيك. - سأحب شعرك حتى ركيكه.
أسبلت جفنيها في استسلام حتى تلاقت رموشها الطويلة المقوسة إلى أعلى، وإذا به يسألها في اهتمام من الأعماق: خبريني يا بثينة، كيف اتجهت نحو الشعر؟ - لا أدري. - أنت متفوقة في العلوم، ولكن كيف اتجهت نحو الشعر؟
وهي تتذكر مقطبة: المختارات المدرسية ... أحببتها جدا يا بابا. - ولكن ما أكثر من يحبونها! - كانت تسحرني بدرجة أقوى فيما أعتقد. - ألم تقرئي غير ذلك من الشعر؟ - بلى، قرأته في دواوين. - دواوين؟!
فضحكت قائلة: استعرتها من مكتبتك. - حقا؟! - وعرفت أنك شاعر أيضا.
وخزه ألم، فدفعه بتظاهر بالمزيد من المرح، وقال: لا ... لا ... لست شاعرا ... كانت لعبة من لعب الطفولة. - مؤكد أنك كنت شاعرا. على أي حال وجدتني مدفوعة إلى الشعر دفعا.
Bog aan la aqoon