[الرسالة]
المملكة العربية السعودية
جامعة أم القرى
كلية الدعوة وأصول الدين
قسم الكتاب والسنة
الدراسات العليا
كتاب ((الشافي العي على مسند الشافعي))
تأليف
الحافظ جلال الدين أبي الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي 849 - 911 ه
دراسة وتحقيق
[بحث لنيل شهادة الماجستير للعام الدراسي 1428/ 1429ه]
إعداد
عبد الرزاق بن أسعد الله بن عبد الرؤوف البخاري
تخصص الحديث وعلومه بقسم الكتاب والسنة
الرقم الجامعي 42480239
المشرف
د. محب الدين واعظ
الأستاذ المشارك بقسم الكتاب والسنة بجامعة أم القرى
Bogga 1
1429 ه صفحة بيضاء
Bogga 2
Abstract
Title: Book of " Al-Shafi Al-Ai Ala Musnad Al-Shafia" authored by Al- Hfiz Jaluddeen Abi Al-Al-Fadhl Abdurrahman Ibn Abi Bakar Al- Suyoti (849 - 911) Study & Verification
Researcher's name: Abdul Razag Ibn Asaad Allah ibn Abdul Raoof Al- Baukhari
Degree: Master
Subject Plan: The plan of study is composed of an introduction, which is divided into a three-section preface., which is centered on the methodology followed by those who explained the Hadith of the Messenger of Allah (bpuh) and includes: Firstly: Significance of the book, secondly: Reasons behind verification of the book, and thirdly: Research stages.
Objective: This is focused on personal qualification via acquiring of useful knowledge in the specialization of Hadith and its sciences as well as the service of Islamic heritage.
Thesis subject: Study and verification of the book titled (Al-Shafi Al-Ai Ala Musnad Al-Shafia)
Abstract chapters:
First: Introduction of the author , Al-Hafiz Al-Saouti, and includes: 1 - His name, lineage , family name and methodology2 - His birth place and upbringing3 - His quest for knowledge and academic journey4 - His Shaiks , teachers and students , 5 - Commendation and praising of Ulama on his personality 6 - His publications , and sciences in which he excelled others , and 7 - His death.
Second: Study of the book. This consists of the following: 1 - Naming of the book and verification of authorship by the its author 2 - Methodology of the author in writing the book, 3 - Sources of the book, 4 - Balance between the method of this book and explanation of other published book of Sunnah, 5 - Description of the hand written copes of the book and its examples and 6 - Methodology of verification.
Verification section: This covers the whole book, from the beginning to the end, which is the conclusion that comprises the following most, important results:
1 - It is considered important to know , learn , search, investigate the lineage of people , especially that of illustrious scholars, as this matter was given due attention by the compiler of the Al-Monad Book when he followed the lineage of Al-Shafei to ancestors.
2 - It was confirmed that many of Hadith books were unfortunately destroyed in eastern countries during dissentions (Fitan). It might be mentioned that Ibn Hajar said that the Hadiths used in Figh book as evidence by our Imams as well as the Imams of Hanafite school of thought and which were not found in Hadith book but not conveyed to us might have been verified in these destroyed books.
Written by:
A Abdul Razag Ibn Asaad Allah ibn Abdul Raoof Al- Baukhari
Department of Holy Qur'an & Sunnah, specialization Hadith and its science
Supervised by:
Dr. Mohibuddeen Waez
Associate professor, Department of Holy Qur'an & Sunnah
Bogga 4
ملخص الرسالة
عنوان الرسالة: كتاب ((الشافي العي على مسند الشافعي)) تأليف الحافظ جلال الدين أبي الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي 849 - 911 ه دراسة وتحقيق.
اسم الباحث: عبد الرزاق بن أسعد الله بن عبد الرؤوف البخاري.
الدرجة: الماجستير.
خطة الموضوع: المقدمة: وتتضمن: تمهيد: مناهج الشراح في شرحهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. أولا: أهمية الكتاب. ثانيا: الأسباب الدافعة لتحقيقه. ثالثا: مراحل البحث.
هدف الدراسة: التكوين الشخصي بالتزود من العلم النافع في تخصص الحديث وعلومه، وخدمة التراث الإسلامي.
موضوع الرسالة: دراسة وتحقيق كتاب ((الشافي العي على مسند الشافعي)).
أبواب الرسالة: الدراسة: أولا / التعريف بالمؤلف الحافظ السيوطي ويتضمن: 1 - اسمه ونسبه، وكنيته، ولقبه، ومذهبه. 2 - مولده، ومنشؤه. 3 - طلبه للعلم، ورحلاته العلمية. 4 - شيوخه وتلاميذه. 5 - أقوال العلماء فيه، وثناؤهم عليه. 6 - مؤلفاته، والعلوم التي برع فيها. 7 - وفاته.
ثانيا / دراسة الكتاب ويتضمن: 1 - تسمية الكتاب، وتحقيق نسبته إلى المؤلف. 2 - منهج المؤلف في الكتاب. 3 - مصادره في الكتاب. 4 - موازنة بينه وبين طريقة شروحه الأخرى لكتب السنة المطبوعة. 5 - وصف النسخ الخطية للكتاب، ونماذج منها. 6 - منهج التحقيق.
قسم التحقيق: من أول الكتاب إلى آخره. الخاتمة: وفيها:
أهم النتائج:
1 - أن أنساب الناس وخاصة العلماء منهم والبحث فيها وتعليمها من الأمور المفيدة، وقد اهتم جامع المسند بذلك حين نسب الشافعي إلى آبائه.
2 - أن كثيرا من كتب الحديث عدم في بلاد الشرق في الفتن، فلعل الأحاديث التي توردها أئمة الشافعية والحنفية في كتب الفقه محتجين بها ولا تعرف في كتب الحديث مخرجة فيها، ولم تصل إلينا ، أفاده ابن حجر.
والحمد لله.
وكتب ...
عبد الرزاق بن أسعد الله بن عبد الرؤوف البخاري
قسم الكتاب والسنة / تخصص الحديث وعلومه
المشرف ...
د. محب الدين واعظ
Bogga 5
... الأستاذ المشارك بقسم الكتاب والسنة صفحة بيضاء
Bogga 6
المقدمة
وتتضمن: تمهيد: مناهج الشراح في شرحهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أولا: أهمية الكتاب.
ثانيا: الأسباب الدافعة لتحقيقه.
ثالثا: مراحل البحث.
Bogga 7
صفحة بيضاء بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
مناهج الشراح في شرحهم لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
چ ? ? ٹ ٹ ٹ ٹ ? ? ? ? ? ? ? چ. (¬1)
چ ? ? ? ? ? پ پ پ پ ? ? ... ? ? ? ? ? ... ?? ? ? ? ٹ ٹ ... ٹٹ ? ? ? ... ? ? ? چ. (¬2)
چ ? ہ ہ ہ ہ ھ ھ ھ ھي ي ? ? ? ... ?? ? ? ? ? ? ? ? ? ? چ. (¬3)
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدى هدى محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد:
فمعلوم لدى المسلمين أن السنة النبوية جاءت شارحة ومبينة ومفسرة ومؤكدة لما في القرآن الكريم، وأتت أيضا بتشريعات لم يرد ذكرها فيه.
وإذا كان كتاب ربنا - عز وجل - قد لقي من العناية به: حفظا وتلاوة وجمعا وتدوينا ثم تفسيرا وشرحا ما لم يعتن بكتاب آخر، فإن الحديث النبوي الشريف لقي أيضا عناية كبيرة من علماء الأمة حفظا وتدوينا ودراسة لأسانيده ومتونه.
وكما تفاوتت مناهج المفسرين لكتاب الله تعالى تفاوتت مناهج شراح السنة على مر العصور، فهناك شروح مطولة، وشروح مختصرة، ومنها شروح خاصة بالمتون، ومنها ما أضيف إلى ذلك دراسة الأسانيد، وهناك كتب لشرح غريبها، أو بيان مشكلها ومختلفها ومنسوخها وغير ذلك، وتوالت الشروح، وأصبح شرح الحديث الشريف علما قائما بذاته، واختيرت له كتب تتفاوت مناهجها، فبعضها في شرح أحاديث الأحكام، وبعضها شرح أحاديث الرقائق، وبعضها شرح أحاديث متنوعة الأبواب وغير ذلك، وهذه الشروح تتناول المتون.
Bogga 9
وطريقة شرح المتن في تلك الكتب متفاوتة أيضا، فبعضها يقتصر على بيان الفوائد والأحكام الشرعية وشرح المفردات، وبعضها يهتم بالمعنى الإجمالي وبيان الإعراب والبلاغة وغير ذلك. (¬1)
وقد قام علماء أجلاء بخدمة السنة فبذلوا جهدا ووقتا في شرح النصوص ببيان ألفاظها، واستخراج كنوزها، وبيان الأحكام الشرعية المستنبطة فيها، ولم يقصروا الجهد على المتون بل تناولوا كل ما يتعلق بالأسانيد، وقلما ترجع إلى كتاب من كتب الحديث فتجد أن المؤلف اقتصر على المتن، فتجده يتكلم على سند الحديث وشرحه وإعرابه، بل إن الطريقة تختلف بسبب العلم الذي برز فيه المؤلف فتجد مثلا: أن اللغوي يبرز في شرحه اللغة وهكذا، فكل عالم له طريقة وكل له منهج.
ومنهم الحافظ جلال الدين أبي الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (849 - 911 ه) والذي قام بتأليف كتب في شرح حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها كتاب: ((الشافي العي على مسند الشافعي)).
Bogga 10
أولا: أهمية الكتاب
تعود أهمية الكتاب إلى عدة جهات:
الأولى: من جهة المؤلف: وهو الحافظ السيوطي، قال عنه تلميذه شمس الدين محمد بن علي بن أحمد الداوودي (ت945ه): كان أعلم أهل زمانه بعلم الحديث وفنونه، ورجاله، وغريبه، واستنباط الأحكام منه. (¬1)
وقال السيد محمد عبد الحي بن عبد الكبير بن محمد الكتاني الفاسي الإدريسي الحسني (ت1382ه) عنه: الإمام، فخر المتأخرين، علم أعلام الدين، خاتمة الحافظ، هذا الرجل كان نادرة من نوادر الإسلام في القرون الأخيرة حفظا، واطلاعا، ومشاركة، وكثرة تآليف. (¬2)
والثانية: من جهة المؤلف: حيث أنه ملخص لشرحين مهمين وهما: شرح مسند الشافعي للرافعي، والشافي في شرح مسند الشافعي لابن الأثير.
قال السيوطي: هذا تعليق لطيف على مسند إمامنا الشافعي - رضي الله عنه -، دعت إليه الحاجة، نافع للمستمع والسامع والقارئ؛ فيه فوائد تزهر كالكواكب الدراري، لخصته من شرحي الرافعي وابن الأثير، مع ما ضممته إلى ذلك من مزيد كثير. (¬3)
والثالثة: من جهة الكتاب المشروح والمعلق عليه وهو ((مسند الشافعي)).
Bogga 11
قال الرافعي: إن الأحاديث والآثار التي أودعها كتبه الإمام الشافعي - رضي الله عنه - هي التي عليها اعتماده ، وبها اعتداده في ترتيب المذهب وتمهيده وتوطئته وتوطيده، وأنه أوردها إيراد محتج بها، ولم يتفق له إفراد ما أسنده ورواه بالجمع؛ لاشتغاله باستنباط الأحكام وتهذيب مسائل الحلال والحرام، ومجموع ما أسنده متفرقا في الكتب هو المتداول بين الحديث والفقه المعروف والمشهور بأنه ((مسند الشافعي))، وإن الأئمة أدرجوه في أصول كتب الحديث، وكثر حاجة الفقهاء والمحدثين إلى مراجعته. (¬4) ثانيا: الأسباب الدافعة لتحقيقه:
فأثناء دراستي للسنة المنهجية للماجستير للعام الدراسي الحالي 1424/ 1425ه بقسم الكتاب والسنة / تخصص الحديث الشريف وعلومه، وبعد أن اجتزت الفصل الدراسي الأول بتقدير ممتاز ولله الحمد، وأثناء البحث والتفتيش وسؤال أهل العلم عثرت على مخطوط لكتاب نفيس في شرح الحديث، فاستعنت بالله على تقديمه إلى القسم لتسجيله كرسالة لنيل شهادة الماجستير، وهو بعنوان: كتاب ((الشافي العي على مسند الشافعي))، تأليف: الحافظ جلال الدين أبي الفضل عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي (849 - 911 ه) دراسة وتحقيق.
وإن مما دفعني إلى اختيار البحث في دراسة وتحقيق هذا الكتاب المخطوط أسبابا عديدة منها:
1 - أن مؤلف الكتاب من العلماء الحفاظ المشهورين عند أهل العلم.
2 - تميز الكتاب بأن المؤلف لخصه من شرحي الرافعي وابن الأثير مع ما ضمه إلى ذلك من مزيد كثير.
3 - أهمية الكتاب وقيمته العلمية؛ وذلك لأنه أحد الكتب الذي تناول بالعناية والاهتمام كتابا معروفا عند أهل العلم؛ وهو مسند الإمام الشافعي، الذي لا يخفى قدره عندهم.
Bogga 12
ثالثا: مراحل البحث
مر هذا البحث بعدة مراحل إلى أن وصل إلى هذا الشكل، ويمكن تلخيصها كالآتي:
1) مرحلة البحث عن النسخ الخطية:
بعد البحث وجدت نسختين مصححتين من نسخ الكتاب، وسيأتي (ص40) الكلام عنهما مفصلا في دراسة الكتاب في وصف النسخ الخطية للكتاب.
2) مرحلة إحضارها:
أما النسخة الأولى وهي نسخة مكتبة الأوقاف العامة ببغداد، والمحفوطة برقم: 766، 1/ 2878 مجاميع، فلها صورة في مكتبة الحرم المكي الشريف، قسم المخطوطات مجموع رقم 1119 عام مخ / مصور، وقد قامت المكتبة مشكورة بتصويرها لي، فجزى الله القائمين عليها خير الجزاء.
وأما النسخة الثانية وهي نسخة مكتبة علي رضا برامبور بالهند، والمحفوطة برقم: 1، 89، حديث 186 (97 ورقة)، فقد راسلت الأمين العام المساعد للمكتبة د. أبو سعد إصلاحي في 12/ 2 / 1426ه الموافق 23/ 2 / 2005م فقام بتصويرها وإرسالها على CD فجزاه الله خيرا.
3) مرحلة نسخها وكتابتها في الحاسوب:
قمت بنسخ النسخة الأولى وهي نسخة مكتبة الأوقاف العامة ببغداد، ورمزها (م) وكتبتها في الحاسوب، وأثناء ذلك وصلت النسخة الثانية وهي نسخة مكتبة علي رضا برامبور بالهند، ورمزها (ر) فقمت بمقابلة النسختين مع بعضهما البعض، واخترت النص الأصح من بينهما، وكتبتها في الحاسوب.
4) مرحلة التعليق عليها وتخريج أحاديثها:
بعد تنضيض الكتاب في الحاسوب قمت بالتعليق عليه وتخريج الأحاديث الواردة في الكتاب التي يشرحها المؤلف كاملة، أما غيرها فلا أتعرض لتخريجها خشية التطويل.
5) مرحلة المقدمة والتعريف بالمؤلف ودراسة الكتاب:
بعد الانتهاء من التعليق والتخريج قمت بالتعريف بالمؤلف ودراسة الكتاب وكتبت المقدمة.
6) مرحلة الفهارس:
بعد طبع الكتاب قمت بعمل فهارس على الكتاب، وألحقتها بأخر الكتاب رجاء سهولة الاستفادة من الكتاب عن طريقها.
Bogga 13
صفحة بيضاء
Bogga 14
الدراسة
أولا / التعريف بالمؤلف الحافظ السيوطي
ويتضمن:
1 - اسمه ونسبه، وكنيته، ولقبه، ومذهبه.
2 - مولده، ومنشؤه.
3 - طلبه للعلم، ورحلاته العلمية.
4 - شيوخه وتلاميذه.
5 - أقوال العلماء فيه، وثناؤهم عليه.
6 - مؤلفاته، والعلوم التي برع فيها.
7 - وفاته.
ثانيا / دراسة كتاب ((الشافي العي على مسند الشافعي))
ويتضمن:
1 - تسمية الكتاب، وتحقيق نسبته إلى المؤلف.
2 - منهج المؤلف في الكتاب.
3 - مصادره في الكتاب.
4 - موازنة بينه وبين طريقة شروحه الأخرى لكتب السنة المطبوعة.
5 - وصف النسخ الخطية للكتاب.
6 - منهج التحقيق.
Bogga 15
صفحة بيضاء
Bogga 16
أولا / التعريف بالمؤلف الحافظ السيوطي (849 - 911 ه الموافق)
1445 - 1505 م) (¬1)
1 - اسمه ونسبه، وكنيته، ولقبه، ومذهبه:
سماه والده بعد أسبوع من ولادته: عبد الرحمن، ولقبه: جلال الدين، وكناه شيخه قاضي القضاة عز الدين أحمد بن إبراهيم الكناني: بأبي الفضل، فهو أبو الفضل جلال الدين عبد الرحمن بن أبي المناقب كمال الدين أبي بكر بن ناصر الدين محمد بن سابق الدين أبي بكر بن فخر الدين عثمان بن ناظر الدين محمد بن سيف الدين خضر بن نجم الدين أبي الصلاح أيوب بن ناصر الدين محمد بن الشيخ الملك همام الدين الهمام الخضيري، السيوطي الأصل، ويعرف بابن الأسيوطي، المصري الشافعي.
قال السيوطي: وأما نسبتنا بالخضيري، (¬2) فلا أعلم ما تكون إليه هذه النسبة إلا بالخضيرية محلة ببغداد، وقد حدثني من أثق به أنه سمع والدي رحمه الله تعالى يذكر أن جده الأعلى همام الدين كان أعجميا أو من الشرق، وكان من أهل الحقيقة، ومن مشايخ الطريق، وذكره في الصوفية، ومن دونه كانوا من أهل الوجاهة والرياسة، منهم من ولي الحكم ببلده، ومنهم من ولي الحسبة بها، ومنهم من كان تاجرا في صحبة الأمير شيخون، وبنى مدرسة بأسيوط، ووقف عليها أوقافا، ومنهم من كان متمولا، ولا أعرف منهم من خدم العلم حق الخدمة إلا والدي كمال الدين أبو المناقب أبو بكر بن محمد بن سابق الدين أبي بكر الخضيري السيوطي، الإمام العلامة من فقهاء الشافعية، ولد بأسيوط بعد ثمانمائة تقريبا، وتولى بها القضاء قبل قدومه إلى القاهرة. (¬3)
Bogga 17
والأسيوطي بضم الهمزة وسكون السين المهملة وضم الياء المنقوطة بنقطتين من تحت وفي آخرها طاء مهملة بعد الواو هذه النسبة إلى أسيوط بضم الهمزة وسكون السين المهملة وضم الياء المثناة من تحتها وبعدها واو ساكنة ثم طاء مهملة، وهي: مدينة جليلة كبيرة كثيرة الخيرات أعجوبة المنتزهات وعجائب عماراتها وسورها مما لا يذكر، من نواحي صعيد مصر من الريف الأعلى في غربي النيل، ومنهم من يسقط الهمزة ويضم السين فيقول: سيوط والنسبة السيوطي، ولما صورت الدنيا للرشيد لم يستحسن إلا كورة أسيوط؛ لكثرة ما بها من الخيرات والمنتزهات، ومن عجائبها أن بها ثلاثون ألف فدان في استواء من الأرض لو وقعت فيها قطرة ماء لانتشرت في جميعها، ويسير الماء في أقطارها لا يظمأ فيها شبر. (¬1) 2 - مولده، ومنشؤه:
قال السيوطي: كان مولدي بعد المغرب ليلة الأحد مستهل رجب سنة تسع وأربعين وثمانمائة، ونشأت يتيما حيث توفي والدي وقت أذان العشاء، لليلة الاثنين من صفر سنة خمس وخمسين وثمانمائة. (¬1)
وأما أمه فأم ولد تركية، وكان يلقب بابن الكتب؛ لأن أباه كان من أهل العلم، واحتاج إلى مطالعة كتاب فأمر أمه أن تأتيه بالكتاب من بين كتبه، فذهبت لتأتي به فجاءها المخاض وهي بين الكتب فوضعته.
Bogga 19
وبعد وفاة والده جعل الشيخ كمال الدين ابن الهمام وصيا عليه فلحظه بنظره ورعايته. (¬2) 3 - طلبه للعلم، ورحلاته العلمية:
حفظ السيوطي القرآن وسنه دون ثماني سنين، ثم حفظ عمدة الأحكام، ومنهاج النووي، وألفية ابن مالك، ومنهاج البيضاوي وعرضها وهو دون البلوغ على مشايخ عصره، وأحضره والده وعمره ثلاث سنين مجلس شيخ الإسلام ابن حجر مرة واحدة، وحضر وهو صغير مجلس الشيخ المحدث زين الدين رضوان العقبي، ودرس الشيخ سراج الدين عمر الوردي، ثم اشتغل بالعلم على عدة مشايخ من مستهل سنة أربع وستين وثمانمائة، وأجيز بتدريس العربية في مستهل سنة ست وستين وثمانمائة، وحج سنة تسع وستين وثمانمائة، وشرب من ماء زمزم لأمور: منها أن يصل في الفقه إلى رتبة الشيخ سراج الدين البلقيني، وفي الحديث إلى رتبة الحافظ ابن حجر. (¬1)
Bogga 20
قال السيوطي: ولازمة في الفقه شيخنا شيخ الإسلام علم الدين البلقيني إلى أن مات، فلازمت ولده وأجازني بالتدريس والإفتاء من سنة ست وسبعين وثمانمائة، وحضر تصديري، فلما توفي سنة ثمان وسبعين وثمانمائة لزمت شيخ الإسلام شرف الدين المناوي، ولزمت في الحديث والعربية شيخنا الإمام العلامة تقي الدين الشبلي الحنفي، فواظبته أربع سنين، وشهد لي غير مرة بالتقدم في العلوم بلسانه وبنانه، ولم أنفك عن الشيخ إلى أن مات، ولزمت شيخنا العلامة محيي الدين الكافيجي أربع عشرة سنة؛ فأخذت عنه الفنون من التفسير والأصول والعربية والمعاني وغير ذلك، وكتب لي إجازة عظيمة، وحضرت عند الشيخ سيف الدين الحنفي دروسا عديدة، وأفتيت من مستهل سنة إحدى وسبعين وثمانمائة، وعقدت إملاء الحديث من مستهل سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة، وقد كنت في مبادئ الطلب قرأت شيئا في علم المنطق، ثم ألق الله كراهته في قلبي، وسمعت أن أبي الصلاح أفتى بتحريمه فتركته لذلك، فعوضني الله تعالى عنه علم الحديث الذي هو أشرف العلوم، وقد سافرت بحمد الله تعالى إلى بلاد الشام والحجاز واليمن والهند والمغرب والتكرور. (¬2) 4 - شيوخه وتلاميذه:
للسيوطي معجم كبير هو المسمى : حاطب ليل وجارف سيل، مجلد كبير جمع فيه شيوخه على المعجم، والمعجم الصغير يسمى المنتقى.
قال السيوطي: وأما مشايخي في الرواية سماعا وإجازة فكثير؛ أوردتهم في المعجم الذي جمعتهم فيه، وعدتهم نحو مائة وخمسين؛ ولم أكثر من سماع الرواية لاشتغالي بما هو أهم وهو قراءة الدراية. (¬1)
أما تلاميذ السيوطي فمنهم:
1 - شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أحمد بن حمزة الرملي الأنصاري المنوفي المصري القاهري الشافعي، من رملة المنوفية قرب منية العطار بمصر، شيخ الإسلام، الإمام، العالم، العلامة، الفقيه الحبر، تلميذ السيوطي، وأخذ عن القاضي زكريا ولازمه وانتفع به، وكان يجله وأذن له في الإفتاء والتدريس، وأن يصلح في كتبه في حياته وبعد مماته، ولم يأذن لأحد سواه في ذلك، انتهت إليه الرئاسة في العلوم الشرعية بمصر حتى صارت علماء الشافعية كلهم تلامذته إلا النادر، وكان يخدم نفسه ولا يمكن أحدا أن يشتري له حاجة إلى أن كبر سنه وعجز، وتوفي وصلى عليه في الأزهر بالقاهرة سنة 971ه إحدى وسبعين وتسعمائة رحمه الله تعالى. (¬2)
2 - عبد القادر بن محمد بن أحمد الشاذلي المؤذن الشافعي المصري، فاضل، أخذ عن جلال الدين السيوطي، ومن تصانيفه: بهجة العابدين بترجمة الحافظ جلال الدين، وتوفي في حدود سنة 935ه خمس وثلاثين وتسعمائة. (¬3)
3 - أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن محمد بن خلف المنوفي بلدا، المصري مولدا، المالكي، من تلاميذ السيوطي، توفي في صفر سنة 939ه تسع وثلاثين وتسعمائة. (¬4)
Bogga 21
4 - شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن علي بن أبي بكر العلقمي القاهري الشافعي، من بلدة العلاقمة قرية من كورة بلبيس، الإمام العلامة، شيخ الحديث في القديم والحديث، وهو العلم المفرد من أعرف المعارف، قد تحل بخدمة الجلال السيوطي، وتوفي سنة 958 ه ثمان وخمسين وتسعمائة. (¬5) أما أخوه: الشيخ برهان الدين إبراهيم بن عبد الرحمن العلقمي فليس من تلاميذ السيوطي.
قال النجم الغزي (ت1061ه): قرأت بخط أبيه أن مولده مستهل سنة 923ه ثلاث وعشرين وتسعمائة. أي: بعد وفاة السيوطي بإثني عشر سنة. وأيضا تفقه بأخيه الشمس العلقمي، وقرأ سيرة ابن سيد الناس على السيد الشريف يوسف بن عبد الله الأرميوني أحد تلاميذ السيوطي، وكان في ابتداء أمره يلازم دروس شيخ الإسلام شهاب الدين الرملي أحد تلاميذ السيوطي ويسمعه، لخصت ذلك من خطه في إجازة كتبها في خامس عشر شهر ربيع الأول سنة 994ه أربع وتسعين بتقديم المثناة وتسعمائة، توفي بعد ذلك بيسير رحمه الله تعالى.
وقال الخفاجي: روايتي عن خاتمة المحدثين الشيخ إبراهيم العلقمي وهو عن أخيه الشمس العلقمي عن الجلال السيوطي اه. فالعلقمي الصغير يروي عن أخيه الشمس العلقمي. (¬1)
5 - شمس الدين محمد بن الشيخ زين الدين عمر بن ولي الله الشيخ شهاب الدين أحمد السفيرى الحلبي الشافعي، الإمام، العالم، الفقيه، تلميذ السيوطي، ولد بحلب في سنة 877ه سبع وسبعين وثمانمائة، ودرس بالجامع الكبير بحلب، وسافر إلى القاهرة سنة 927ه سبع وعشرين وتسعمائة، وبقي بها إلى أن توفي سنة 956ه ست وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى. (¬2)
6 - شمس الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن علي بن يوسف الشامي الدمشقي الصالحي الشيخ، الإمام، العلامة، الصالح، الفهامة، الثقة المطلع، المؤرخ، الحافظ المتبع، محدث الديار المصرية ومسندها، ولد في صالحية دمشق، وسكن برقوقية الصحراء خارج باب النصر بمصر، من أجل تلاميذ الحافظ السيوطي، توفي في سنة 942ه اثنين وأربعين وتسعمائة. (¬3)
Bogga 22
7 - السيد الشريف جمال الدين يوسف بن عبد الله بن سعيد الحسيني الأرميوني القاهري المصري الشافعي، الشيخ الإمام العلامة المحدث الفاضل، مفسر، مجود للقرآن، إخباري، من أهل أرميون من قرى غربية مصر، تتلمذ للسيوطي، وتوفي سنة 958ه ثمان وخمسين وتسعمائة. (¬1) 5 - أقوال العلماء فيه، وثناؤهم عليه:
* قال شمس الدين محمد بن علي بن أحمد الداوودي (ت945ه) في ترجمة شيخه السيوطي مجلد ضخم: كان أعلم أهل زمانه بعلم الحديث وفنونه، ورجاله، وغريبه، واستنباط الأحكام منه، وأخبر عن نفسه أنه يحفظ مئتي ألف حديث. قال: ولو وجدت أكثر لحفظته، ولعله لا يوجد على وجه الأرض الآن أكثر من ذلك. وكان الأمراء والأغنياء يأتون إلى زيارته، ويعرضون عليه الأموال النفيسة فيردها، وكان لا يتردد إلى السلطان ولا إلى غيره. (¬1)
* قال القاضي تقي الدين بن عبد القادر التميمي الغزي الحنفي (ت1010ه): عندي أن أحمد بن سليمان بن كمال باشا أدق نظرا من السيوطي، وأحسن فهما، وأكثر تصرفا؛ على أنهما كانا جمال ذلك العصر، وفخر ذلك الدهر، ولم يخلف أحد منهما بعده مثله. (¬2)
* قال عبد القادر بن عبد الله العيدروس (ت1038ه): الشيخ العلامة الحافظ، وكان بينه وبين الحافظ السخاوي منافرة كما يكون بين الأكابر، والحق إن كلا منهم كان فردا في فنه مع المشاركة في غيره، فالسخاوي تفرد بمعرفة علل الحديث، والسيوطي بحفظ المتن. (¬3)
* قال نجم الدين محمد بن محمد بن محمد الغزي العامري القرشي، الشهير بالنجم الغزي (ت1061ه): الشيخ العلامة، الإمام، المحقق، المدقق، المسند، الحافظ، شيخ الإسلام صاحب المؤلفات الجامعة، والمصنفات النافعة. (¬4)
* قال أبو المعالي محمد بن عبد الرحمن بن زين العابدين بن زكريا بن محمد بن محمد بن محمد الغزي العامري القرشي الشهير بابن الغزي (ت1167ه): الشيخ، الإمام، العالم، العلامة، الحبر البحر، أعجوبة الدهر، شيخ الإسلام، صاحب المؤلفات الحافلة الجامعة النافعة المتقنة. (¬5)
Bogga 24