فالحسن حاصل لا محالة تبعا للصحة فيصح أن يقال صحيح باعتبار الصفة العليا وهي الحفظ والإتقان وحسن باعتبار الصفة التي دونها وهي مجرد الصدق.
وسبقه إلى ذلك ابن المواق في كتابه بغية النقاد فقال ظهر من هذا كله ان الحسن عند أبي عيسى صفة لا تخص الحسن بل قد يشركه فيها الصحيح فكل صحيح عنده حسن ولا عكس.
واعترض اليعمري على ابن المواق فقال في مقدمة شرح الترمذي بقي عليه أنه اشترط في الحسن أن يروى من وجه آخر ولم يشترط ذلك في الصحيح فانتفى أن يكون كل صحيح حسنا فعلى هذا الأفراد الصحيحة ليست بحسنة عنده كحديث "إنما الأعمال بالنيات" وحديث "السفر قطعة من العذاب" وحديث "نهى عن بيع الولاء وهبته".
مع أن اليعمري خالف ذلك في أثناء الشرح عند حديث عائشة كان رسول الله ﷺ إذا خرج من الخلاء قال: "غفرانك " فإن الترمذي قال: عقبه هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة ولا يعرف في هذا الباب إلا حديث عائشة.
فأجاب اليعمري عن هذا الحديث بأن الذي يحتاج إلى مجيئه من غير وجه ما كان راويه في درجة المستور ومن لم تثبت عدالته فأكثر ما في الباب ان الترمذي عرف بنوع منه لا بكل أنواعه.
وأجاب ابن كثير بما حاصله أن الجمع في حديث واحد بين الصحة والحسن درجة متوسطة بينهما فيقول فيها حسن صحيح وفوقها أن يقول صحيح فقط ودونها أن يقول حسن فقط.
وما قاله تحكم لا دليل عليه.
قال التاسع: من أهل الحديث من لا يفرد نوع الحسن ويجعله مندرجا في أنواع الصحيح لاندراجه في أنواع ما يحتج به وهو الظاهر من كلام الحاكم أبي عبد الله الحافظ في تصرفاته وإليه يومئ في تسميته كتاب الترمذي بالجامع الصحيح وأطلق الخطيب أبو بكر أيضا عليه اسم الصحيح وعلى كتاب النسائي.
1 / 126